فهرس الكتاب
الصفحة 190 من 2064

المدارات التي ذكرتم صالحا لها فلا نقض قلت فليس الاستدلال بالدوران وحده وأيضا كون تلك الوجوه مثلا صالحة لعلية القبح في العقل مما لا يتيقين به أصلا وإن جاز أن يظن والمقصود ههنا إنما يتم باليقين دون الظن وأيضا فيجوز أن يكون المؤثر في الحكم الدائر أمرا مقارنا للمدار دونه وحينئذ لا يكون المدار علة للدائر وقد ينفي هذا الاحتمال أي احتمال كون المؤثر أمرا مقارنا بوجوه

الأول الرجوع إلى أنه لا دليل عليه أي على المقارن فيجب نفيه وقد مر فساده

الثاني أنهما أي المدار والدائر متلازمان علما يعني أنه إذا علم المدار وحده ولم يعلم معه غيره علم الدائر وإذا علم غير المدار بدونه لم يعلم الدائر فدل على أنه العلة دون ما يقارنه مثلا إذ علمنا في الفعل هذه الوجوه علمنا قبحه وإن لم نعلم شيئا غيرها أي أصلا وإذا لم نعلم فيه هذه الوجوه لم نعلم قبحه وإن علمنا سائر الأشياء فلولا أن هذه الوجوه هي العلة للقبح لما لزم من مجرد العلم بها العلم به

قلنا فينتقض ما ذكرتم بالمتضايفين كالأبوة والنبوة فإن العلم بكل منهما وحده من غير أن يعلم معه غيره يستلزم العلم بالآخر مع ثبوت الدوران بينهما من الجانبين ولا شك أنه لا يمكن أن يكون بينهما علية كيف أي كيف لا ينتقض ما ذكرتم ولا يكون باطلا في نفسه ولا كل ما يعلم به وحده غيره علة له أي لذلك الغير فإن كثيرا من الأسباب العادية كذلك مع الاتفاق على أنها غير مؤثرة أصلا ألا ترى أنا إذا علمنا ملاقاة النار للقطن علمنا احتراقه وإن لم نعلم شيئا آخر غير الملاقاة وإذا علمنا أن البدن الصحيح يتناول الغذاء الجيد علمنا حصول الشبع وإن لم نعلم غير التناول مع اتفاقنا على أن الاحتراق والشبع إنما يحصلان بفعل الله تعالى إبتداء من أن يكون للملاقاة والتناول مدخل فيهما بالتأثير وأنت خبير بأن هذا الاتفاق

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام