فهرس الكتاب
الصفحة 1695 من 2064

المشاهدة بأدنى توجه منه

قلنا هذا الذي ذكروه لا يوافق مذهبهم واعتقادهم بل هو تلبيس على الناس في معتقدهم وتستر عن شناعته بعبارة لا يقولون بمعناها

وذلك لأنهم لا يقولون بملائكة يرون بل الملائكة عندهم إما نفوس مجردة في ذواتها متعلقة بأجرام الأفلاك وتسمى ملائكة سماوية أو عقول مجردة ذاتا وفعلا وتسمى بالملأ الأعلى

ولا كلام لهم يسمع لأنه من خواص الأجسام إذ الحرف والصوت عندهم من الأمور العارضة للهواء المتموج كما سلف

فلا يتصور كلام حقيقي للمجردات ومآله أي مآل ما ذكروه في الخاصة الثالثة إلى تخيل ما لا وجود له في الحقيقة كما للمرضى والمجانين فإنهم يشاهدون ما لا وجود له في الخارج على ما صرحوا به وقرروا ماهو السبب فيه

ولا شك أن ذلك إنما يكون على سبيل التخيل دون المشاهدة الحقيقية ولو كان أحدنا آمرا وناهيا من قبل نفسه بما يوافق المصلحة ويلائم العقل لم يكن نبيا باتفاق من العقلاء فكيف يكون نبيا من كان أمره ونهيه من قبيل ما يرجع إلى تخيلات لا أصل لها قطعا أو ربما خالف ما دعا إليه المعقول أيضا هذا كما مضى ثم أنهم قالوا من اجتمعت فيه هذه الخواص الثلاث انقادت له النفوس البشرية المختلفة بطوعها مع ما جبلت عليه من الإباء عن الانقياد لبني نوعها وذلت له الهمم المتفاوتة على ما هي عليه من اختلاف الآراء فيصير ذلك الانقياد التام ظاهرا وباطنا سببا لقرار أي ثبات الشريعة التي بها يتم التعاون الضروري لنوع الإنسان

وإنما كان التعاون ضروريا لهذا النوع من حيث أنه لا يستقل واحد منهم بما يحتاج إليه في معاشه من مأكله ومشربه وملبسه دون مشاركة من أبناء جنسه في المعاملات

وهو أن يعمل كل واحد لآخر مثل ما يعمله الآخر له

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام