فهرس الكتاب
الصفحة 1658 من 2064

يدخل تحت الحصر لم يستقبح منه أصلا بل عد جودا وفضلا وإغناء للفقير وتبعيدا له عن ساحة الهوان بالكلية

لكنه مع ذلك إذا نزل له وقام بين يديه معظما له ومكرما إياه وأمر خدمه بتقبيل أنامله استقبح منه ذلك وذمه العقلاء ونسبوه إلى ركاكة العقل وقلة الدراية

فالله سبحانه لما أراد أن يعطي عباده منافع دائمة مقرونة بإجلال وإكرام منه ومن ملائكته المقربين ولم يحسن أن يتفضل بذلك عليهم ابتداء بلا استحقاق كلفهم ما يستحقونه به

فيقال لهم لا نسلم أن التفضل بالثواب قبيح بل لا قبح هناك أصلا

ولو سلم قبحه فإنما يقبح ممن يجوز عليه الانتفاع والتضرر لا من الله تعالى

فإنه يجوز أن يتفضل به كما تفضل على عباده بما لا يحصى من النعم في الدنيا

وأنت خبير بأن المستقبح عندهم هو التفضل بالتعظيم الموعود دون النعم كما صورناه لكنه سند للمنع فلا يجدي دفعه

وإن سلم قبحه من الله تعالى أيضا فيمكن التعريض له أي للثواب بدون هذه المشاق العظيمة

إذ ليس الثواب على قدر المشقة وعوضا مساويا لها

ألا ترى أن في التلفظ بكلمة الشهادة من الثواب ما ليس في كثير من العبادات الشاقة كالصلاة والصيام وكذا الكلمة المتضمنة لإنجاء نبي من ظالم يريد إهلاكه أو تمهيد قاعدة خير أو دفع شر عام إذ يستحق بهذه الكلمة من الثواب ما يزيد على ثواب كثير من العبادات

وإن كانت أشق منها

وما يروى من أن فضل العبادات أحمزها أي أشقها فذلك عند التساوي في المصالح فلا ينافي أن يكون الأخف الأسهل أكثر ثوابا إذا كان أكثر مصلحة وأعظم فائدة

وإذا أمكن التعريض المذكور بدون تلك المشاق كان التكليف بها عاريا عن الغرض ثم إنهم أي ما ذكرتم من أن التكليف تعريض للثواب

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام