فهرس الكتاب
الصفحة 144 من 2064

التذكر لئلا يلزم تحصيل الحاصل عدم توليد ابتداء النظر الذي لا يلزمه هذا المحال

الثالث مذهب الحكماء أنه بسبيل الإعداد فإن المبدأ الذي تستند إليه الحوادث في عالمنا هذا موجب عندهم عام الفيض ويتوقف حصول الفيض منه على استعداد خاص يستدعيه أي ذلك الفيض والاختلاف في الفيض إنما هو بحسب اختلاف استعدادات القوابل فالنظر يعد الذهن إعدادا تاما والنتيجة تفيض عليه من ذلك المبدأ وجوبا أي لزوما عقليا وههنا مذهب آخر اختاره الإمام الرازي وهو أنه يعني العلم الحاصل عقيب النظر واجب لازم حصوله عقيبة عقلا غير متولد منه

قيل أخذ هذا المذهب من القاضي الباقلاني وإمام الحرمين حيث قالا باستلزام النظر للعلم على سبيل الوجوب من غير توليد ورد بأن مرادهما الوجوب العادي دون العقلي أما وجوبه عقلا فلأنا نعلم ضرورة وبديهة أن من علم أن العالم متغير وكل متغير حادث واجتمع في ذهنه هاتان المقدمتان على هذه الهيئة امتنع أن لا يعلم أن العالم حادث وهذا الاستدلال جار في سائر الأشكال والأقيسة إذا اعتبرت مأخوذة مع ما يحتاج إليه من بياناتها وإما أنه غير متولد من النظر فلاستناد جميع الممكنات والحوادث إلى الله تعالى ابتداء ابتداء فيكون العلم عقيب النظر واقعا بقدرته لا بقدرة العبد وهذا المذهب لا يصح مع القول باستناد الجميع إلى الله ابتداء وكونه قادرا مختارا وأنه ومع القول بأنه لا يجب على الله شيء إذ لا وجوب عن الله كما تزعمه الحكماء القائلون بأنه موجب لا مختار ولا وجوب عليه أيضا كما تزعمه المعتزلة وإنما يصح إذا حذف قيد الابتداء في استناد الأشياء إلى الله سبحانه وجوز أن يكون لبعض آثاره مدخل في بعض بحيث يمتنع تخلفه عنه عقلا فيكون بعضها متولدا عن بعض وإن كان الكل واقعا بقدرته كما تقول المعتزلة في أفعال العباد الصادرة عنهم بقدرتهم ووجوب بعض الأفعال

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام