فهرس الكتاب
الصفحة 1358 من 2064

حصول المجرد في العقل لأن حصوله فيه نفس المقارنة فلو توقف إمكان المقارنة عليه كان إمكان الشيء متوقفا على وجوده ومتأخرا عنه وأنه محال وإذا لم يتوقف إمكان المقارنة على وجود المجرد في العقل أمكن المقارنة حال كون المجرد موجودا في الخارج ولا يتصور ذلك إلا بحصول الغير في المجرد وحلوله فيه وهو عين تعقله إياه وإذا أمكن تعقله له كان حاصلا بالفعل لأن التغير والحدوث من توابع المادة

الجواب لا نسلم أن كل مجرد يمكن تعقله كالباري تعالى فإن حقيقته مجردة مع أنه لا يمكن تعقلها للبشر عندكم وحقيقة العقول والنفوس فإنها غير معقولة لنا أين الجزم بإمكان تعقلها ولا نسلم أن المجرد في صيرورته معقولا لا يحتاج إلى عمل يعمل به إنما يصح ذلك إذا انحصر المانع من التعقل في المادة وتوابعها هو ممنوع وإن سلمنا فلا نسلم أن كل ما يمكن تعقله مع الغير وما الدليل عليه والوجدان الشاهد بعدم التضاد والتنافي بين التعقلات لا يعمم شهادته لعدم تعلقه بجميع المفهومات كيف والغير قد يكون مما لا يجوز تعقله كما أشرنا إليه وإن سلم فلا نسلم أنه أي تعقله مع الغير يقتضي مقارنة الماهية المجردة التي لذلك الغير للعقل أي للمجرد المعقول وإنما يصح ذلك لو كان العلم حصول الماهية المجردة في العقل حتى إذا تعقلا معا كانا موجودين متقارنين فيه وقد تكلمنا فيه حيث بينا أن للعلم تعلقا خاصا بين العالم والمعلوم وإن سلمنا أن تعقلهما يستلزم تقارنهما في الوجود الذهني فلا نسلم أنه يلزم من جواز المقارنة بينهما في العقل جواز مقارنته أي مقارنة المجرد للغير مطلقا

قوله وإلا لكان مقارنته للعقل مشروطة بكونها في العقل ويلزم الدور قلنا إنما يلزم ذلك أن لو كانت المقارنتان أي مقارنة أحد

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام