فهرس الكتاب
الصفحة 1348 من 2064

والصورة عليه ضرورة لأن الجزء متقدم على الكل فلو كان هو الصادر الأول لتقدم على أجزائه ولا يجوز أيضا أن يكون الصادر الأول أحد جزئيه إذ لا يستقل بالوجود دون الآخر فلا يستقل بالتأثير أيضا والصادر الأول مستقل بالوجود والتأخير معا ولا عرضا إذا لا يستقل بالوجود دون الجوهر الذي هو محله فكيف يوجد قبله ولا نفسا إذ لا تستقل بالتأثير دون الجسم الذي هو آلتها فيمتنع أن يكون سببا لما بعده ويجب ذلك فيما صدر أولا فتعين أن يكون الصادر الأول هو العقل

تلخيصه أول صادر عنه تعالى واحد مستقل بالوجود والتأثير وغير العقل ليس كذلك لانتفاء القيد الأول في الجسم والثاني في الهيولى والصورة والعرض والثالث في النفس الثاني الموجد للجسم كالفلك مثلا لا يجوز أن يكون هو الواجب لذاته وإلا لأوجد جزئيه لأن موجد الكل حقيقة يجب أن يكون موجدا لكل واحد من أجزائه فيكون الواجب تعالى مصدر الأثرين في مرتبة واحدة ولا جسما للآخر إذ الجسم إنما يؤثر فيما له وضع مخصوص بالقياس إليه أما بالمجاورة والقرب أو المحاذاة والمقابلة علم ذلك بالتجربة فإن النار لا تسخن أي جسم كان بل ما يقاربها والشمس لا تضيء إلا ما يقابلها فلو أوجد جسم جسما آخر لوجب أن يفيض صورته على هيولاه ولو أفاض الصورة على الهيولى لكان للهيولى وضع قبل الصور وأنه محال لأن وضع الهيولى مستفاد من الصورة التي هي ذات وضع بالذات لكونها في حد نفسها ممتدة في الجهات ولا نفسا لتوقف تأثيرها عليه فإن النفس لا تؤثر إلا بآلات جسمانية فيكون تأثيرها متأخرا على الجسم فكيف يتصور إيجادها إياه ولا أحد جزئيه وإلا لكان ذلك الجزء الموجد للجسم علة للآخر وقد أبطلناه لعدم استقلاله

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام