فهرس الكتاب
الصفحة 1325 من 2064

لأن حركات الأفلاك إرادية فلها نفوس مجردة أما الأول وهو كون حركاتها إرادية فلأنها إما طبيعية أو قسرية أو إرادية لما مر من أن أقسام الحركة الذاتية منحصرة فيها والأولان باطلان فتعين الثالث أما كونها طبيعية فلأن الحركة الدورية كل ما وضع فيها فهو مطلوب ومتروك فلو كان ذلك التحرك الدوري مقتضى الطبيعة ومستندا إليها لكان الشيء الواحد وهو الوضع المخصوص مطلوبا بالطبع ومتروكا بالطبع وأنه محال وقد وجه هذا الدليل بأن كل وضع يتوجه إليه المتحرك بالاستدارة يكون ترك ذلك الوضع هو عين التوجه إليه فيكون المهروب عنه بالطبع بعينه مطلوبا بالطبع في حالة واحدة بل يكون الهرب عن الشيء عين طلبه وأنه محال بديهة ورد عليه بأنه ترك وضع ليس توجها إليه بعينه لانعدامه بتركه بل غايته أنه توجه إلى مثله فلا يكون المتروك نفس المطلوب فالأولى أن يوجه بأن المتحرك بحركته المستديرة يطلب وضعا ثم يتركه ومثله لا يتصور من فاقد الإرادة لأن طلب الشيء المعين وتركه لا يكون إلا باختلاف الأغراض الموقوفة على الشعور والإرادة وأما كونها قسرية فلما تقدم أن القسر إنما يكون على خلاف الطبع وذلك لأنه تقدم في مباحث الاعتمادات ما هو بمعناه أعني أن عديم الميل الطبيعي لا يتحرك قسرا وههنا لا طبع فلا قسر وأيضا فلو كان تحرك الأفلاك على الاستدارة بالقسر لكان على موافقة القاسر فوجب تشابه حركاتها في الجهة والسرعة والبطء وتوافقها في المناطق والأقطاب إذ لا يتصور هناك قسر إلا من بعضها لبعض لكن حركاتها كما شهدت به الأرصاد ليست متشابهة ولا متوافقة

وأما الثاني وهو أنه إذا كانت حركاتها إرادية كانت لها نفوس مجردة فلأن إرادتها المتعلقة بحركاتها ليست ناشئة عن تخيل محض من قوة جسمانية تدرك أمورا جزئية وإلا امتنع دوامها أي دوام الحركات

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام