فهرس الكتاب
الصفحة 1253 من 2064

ينفي كون الحواس آلات والنفس هي المدركة فترتسم الجزئيات في تلك الآلات وتدركها النفس لملاحظتها في آلاتها فلا يلزم انقسام النفس ولا كونها ذات وضع وحيز وتكون آفة الفعل باختلال الآلات دون المدرك ويصح إسناد الإدراك إلى تلك الآلات وإن لم تكن مدركة حقيقة وهذا القدر الذي لا ينفيه شبه الخصم كاف للمستدل في إثبات القوى المذكورة إذ يعلم بالضرورة أنه لولا اختصاص كل عضو من تلك الأعضاء بقوة مخصوصة لما اختص بكونه آلة لنوع من المدركات دون الآخر وبذلك يثبت وجود القوى وتعددها وهو المطلوب

النوع الثالث القوى الفاعلة هي التي عبر عنها فيما سبق بالمحركة على معنى أن لها مدخلا في الحركة إما بالتحريك أو الإعانة على قياس ما مر في المدركة وفائدة العدول ظاهرة وتنقسم إلى قوة باعثة على الحركة وقوة محركة مباشرة للتحريك أما الباعثة وتسمى شوقية ونزوعية فإما لجلب النفع وتسمى شهوية وإما لدفع الضرر وتسمى غضبية وأما المحركة فهي التي تمدد الأعصاب بتشنيج العضلات فتقرب الأعضاء إلى مباديها كما في قبض اليد مثلا وترخيها أي ترخي الأعصاب بإرخاء العضلات فتبعد الأعضاء عن مباديها كما في البسط أي بسط اليد وهذه القوة المثبتة في العضلات هي المبدأ القريب للحركة والمبدأ البعيد وهو التصور وبينها الشوق والإرادة فهذه مباد أربعة مترتبة للأفعال الاختيارية الصادرة عن الحيوان فإن النفس تتصور الحركة أولا فتشتاق إليها ثانيا بناء على اعتقاد نفع فيها فتريدها ثالثا إرادة قصد إليها وإيجاد لها فتحصل الحركة بتمديد الأعصاب وإرخائها رابعا وقال بعضهم الشوق إنما يوجد فيمن ليس قدرته تامة فتردد وتشتاق وأما الذي يثق بقدرته فلا شوق له

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام