فهرس الكتاب
الصفحة 113 من 2064

بالعنادية وهم الذين يعاندون ويدعون أنهم جازمون بأن لا موجود أصلا وإنما نشأ مذهبهم هذا من الإشكالات المتعارضة مثل ما يقال لو كان الجسم موجودا لم يخل من أن يتناهى قبوله للانقسام فيلزم الجزء وهو باطل لأدلة نفاته أو لا يتناهى وهو أيضا باطل لأدلة مثبتيه ولو كان شيء ما موجودا لكان إما واجبا أو ممكنا وكلاهما باطل للإشكالات القادحة في الوجوب والإمكان وبالجملة ما من قضية بديهية أو نظرية إلا ولها معارضة مثلها في القوة تقاومها ويرد عليهم أنكم جزمتم بانتفاء الأحكام كلها وبلزومه عما ذكرتم من الشبه فكان كلامكم مناقضا لنفسه

ومنهم فرقة ثالثة تسمى بالعندية وهم القائلون بأن حقائق الأشياء تابعة للاعتقادات دون العكس فمن اعتقد مثلا أن العالم حادث كان حادثا في حقه وبالعكس فمذهب كل طائفة حق بالقياس إليهم وباطل بالقياس إلى خصومهم ولا استحالة فيه إذ ليس في نفس الأمر شيء بحق واحتجوا على ذلك بأن الصفراوي يجد السكر في فمه مرا فدل على أن المعاني تابعة للإدراكات وذلك مما لا يخفى فساده فظهر أن السوقسطائية قوم لهم نحلة ومذهب ويتشعيون إلى هذه الطوائف الثلاث

وقيل ليس يمكن أن يكون في العالم قوم عقلاء ينتحلون هذا المذهب بل كل غالط سوفسطائي في موضع غلطه فإن سوفا بلغة اليونانيين اسم للعلم واسطا اسم للغلط فسوفسطا معناه علم الغلط كما أن فيلا بلغتهم اسم المحب وفيلسوف معناه محب العلم ثم عرب هذان اللفظان واشتق منهما السفسطة والفلسفة والمناظرة معهم أي مع السوفسطائية قد منعها المحققون من العلماء لأنها لإفادة المجهول المحتاج إلى النظر بالعلوم ولا يتصور في الضروريات كونها مجهولة أي محتاجة إلى النظر والخصم لا يعترف بمعلوم حتى يثبت به مجهول فانتفى القيدان

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام