س72- رأيه بمن يقول: إنَّ الدِّينَ فَسَدَ مِنْ قَبْلِ"هَذِهِ"وَهُوَ مِنْ حِينِ أُخِذَتْ الْخِلَافَةُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَإِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مَكَانَهُ لَمْ يَكُونُوا أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ فَلَمْ تَصِحَّ تَوْلِيَتُهُمْ وَلَمْ يَصِحَّ لِلْمُسْلِمِينَ بَعْدَ ذَلِكَ عَقْدٌ مِنْ عُقُودِهِمْ لَا عَقْدُ نِكَاحٍ وَلَا غَيْرُهُ وَأَنَّ جَمِيعَ مَنْ تَزَوَّجَ بَعْدَ تِلْكَ الْوَاقِعَةِ فَنِكَاحُهُ فَاسِدٌ ؛ وَكَذَلِكَ الْعُقُودُ جَمِيعُهَا فَاسِدَةٌ وَالْوِلَايَاتُ وَغَيْرُهَا
ج72- أَمَّا هَذَا الْجَاهِلُ فَهُوَ شَبِيهٌ فِي جَهْلِهِ بِالرَّافِضَةِ الَّذِينَ يَكْذِبُونَ ؛ وَخُرَافَاتُهُمْ الَّتِي لَا تَرُوجُ إلَّا عَلَى جَاهِلٍ لَا يَعْرِفُ أُصُولَ الْإِسْلَامِ كَاَلَّذِينَ ذَكَرُوا فِي هَذَا السُّؤَالِ . وَقِيلَ إنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّ الدِّينَ فَسَدَ مِنْ حِينِ أُخِذَتْ الْخِلَافَةُ مِنْ عَلِيٍّ وَذَلِكَ مِنْ حِينِ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ لَمْ يَكُونُوا أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ وَأَنَّ عُقُودَ الْمُسْلِمِينَ بَاطِلَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ صَلِيبٌ وَيُقَرِّرُ دَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ: فَإِنَّ هَذَا زِنْدِيقٌ مِنْ شَرِّ الزَّنَادِقَةِ مِنْ جِنْسِ قَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ كالنصرية وَالْإسْماعيليَّةِ وَأَتْبَاعِهِمْ . وَلِهَذَا يَتَكَلَّمُ بِالتَّنَاقُضِ فَإِنَّ مَنْ يُقَرِّرُ دَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ وَيَطْعَنُ فِي دِينِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ وَالسَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ: لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ وَأَكْفَرِهِمْ وَلَوْ كَانَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ وَأَنَّ خَيْرَ الْأُمَّةِ الْقَرْنُ الْأَوَّلُ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُ ؛ لِمَا كَانَ مُقَرَّرًا لِدِينِ الْكُفَّارِ طَاعِنًا فِي دِينِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالرَّدُّ عَلَى هَذَا وَنَحْوِهِ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ . وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي ذَلِكَ فِي الرَّدِّ عَلَى الرَّافِضَةِ مَا لَا يَتَّسِعُ لَهُ هَذَا الْمَوْضِعُ . وَمِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ لَا يَقُولُهُ مَنْ يُؤْمِنُ بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَنُجِيبُ مَنْ يُقِرُّ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَنُبَيِّنُ لَهُ مِمَّا جَاءَ بِهِ مَا يُزِيلُ شُبْهَتَهُ فَأَمَّا مَنْ يَطْعَنُ فِي نُبُوَّتِهِ فَنُكَلِّمُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ .
ج- وَالْحُسَيْنُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلُعِنَ مَنْ قَتَلَهُ وَرَضِيَ بِقَتْلِهِ - قُتِلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَامَ إحْدَى وَسِتِّينَ (1)
(1) - أقول:
نعم لقد قتل الحسين رضي الله عنه وذهب شهيدا إلى الله تعالى وذلك حسب اجتهاده رضي الله عنه ولكنه رضي الله عنه خرج على يزيد بن معاوية بعد أن بايعته أكثر الأمة وذلك بتوريط من أهل الكوفة الذين خذلوا من كان قبله فوثق بهم وخرج على يزيد ولم يكن هناك موجب لهذا الخروج بعد أن بايعته الأمة ولو كان الحسين رضي الله عنه خيرا من ألف من مثل يزيد ولذلك فقد نهاه خيرة الصحابة والتابعين عن هذا الخروج فأبى وقد جرَّ خروجُه على الأمة شراًّ مستطيراً إلى الآن والناس في خروجه على ثلاثة أضرب:
الفريق الأول: الذين يحاكمون الأشياء بعواطغهم وليس في عقولهم فقالوا لقد كان خروجه واجبا وذلك لأن يزيدا لا يستحق الخلافة وقد فرض على الأمة بالقوة فكان يجب الخروج عليه لإصلاح هذا الخلل ورد الأمور إلى نصابها .
وأما الفريق الثاني: فيرون أنه قد خرج بغير حق على الإمام المنتخب شرعا ، فلا يجوز خروجه هذا ، وقالوا: إذا بايعت الأمة لشخص واستقر الأمر له فلا يجوز الخروج عليه إلا بكفر بواح وما أشبه ذلك ولم يكن ذلك في يزيد بن معاوية وما اتهم به من تهم لم يثبت منها تهمة واحدة وهي من نسج خيال أعدائه ، ولو بويع لإمام وبقي نفر قليل لم يبايعوا فلا عبرة برأيهم فيجب عليهم الدخول فيما دخل فيه الناس ، والحسين رضي الله عنه ولو كان خيرا من يزيد بلا منازع ولكن الأمة لم تبايعه وليس معه نص من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بالخروج ، بل النصوص الشرعية الصحيحة تمنع ذلك 000
وأما الفريق الثالث: فقد قالوا: إنه قد اجتهد فأخطأ وذلك لأنه كان قد بيَّت الخروج على يزيد قبل أن يظهر منه أي شيء يوجب هذا الخروج وظن أن الأمة ستبايعه هو لمكانته من النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك لوثوقه بأهل الكوفة ، وهم قوم لا يوثق بهم فقد قتل على يديهم فهو مأجور من حيث قصده ولكن خروجه ما كان ينبغي ، ولو نظرنا في تعامل يزيد مع خروج الحسين لوجدنا أنه قد تصرف بحكمة حتى نفذ صبره ، وإلا أي حاكم في الأرض يعلم أن شخصاً سيقوم عليه وتركه؟!
فقد علم بخروجه وحاول والي مكة المكرمة أن يثنيه عن هذا الخروج فأبى بل أعطاه كتاباً فارغاً وقال له: اكتب فيه ما شئت من حاجات ولا تفرق صفوف الأمة فأبى رضي الله عنه ، وقد حاول خيرة الصحابة الذين عاصروه كابن عمر وابن عباس و أخيه ابن الحنفية وغيرهم أن يمنعوه فأبى ومع هذا فقد خرج وكان بإمكان ولاة يزيد منعه من ذلك ولكن لم يفعلوا وحتى عندما جاءه خبر مقتل مسلم بن عقيل الذي بعث له قبل موته أن ارجع فإن أهل الكوفة قد خذلوه وأسلموه ، ومع هذا لم يرجع حتى اقترب من الكوفة حتى بلغ السيل الزبى كان الجيش الذي شكل لقتاله هو من الذين كانوا قد بايعوه سراًّ ولم يكن فيهم أمويٌّ واحد ومع هذا ينسب قتله إلى يزيد وهو غير صحيح وقد حزن يزيد على مقتله وأكرم أهله وسيَّرهم إلى المدينة وأوصى واليه بهم خيرا حتى عندما خرج أهل المدينة عليه لم يخرج أحد من أهل الحسين رضي الله عنه، فإذا كانوا يعتقدون بأن يزيداً قد قتله بغير حق فلم لم يخرجوا وقد جاءتهم الفرصة سانحة ؟!
والصحيح انهم كانوا يعتقدون أن الذي قتله هو الذي خذله وهم أهل الكوفة وهم قاتلوه حقيقة، وليس يزيد ولا حتى عبيد الله بن زياد وإن كان لعبيد الله تصرفات غير سائغة شرعاً 0