فهرس الكتاب
الصفحة 233 من 247

عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِصَّةَ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ وَفِيهَا: { أَنَّ الْغُلَامَ أُمِرَ بِقَتْلِ نَفْسِهِ لِأَجْلِ مَصْلَحَةِ ظُهُورِ الدِّينِ } ، وَلِهَذَا جَوَّزَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبِعَةُ أَنْ يَنْغَمِسَ الْمُسْلِمُ فِي صَفِّ الْكُفَّارِ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُمْ يَقْتُلُونَهُ ؛ إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ (1)

(1) - قلت: وهذا يدل على مشروعية العمليات الاستشهادية ، بل وجوبها في بعض الأحيان إذا كان فيها نكاية بالعدو ، وهذا قول آخر لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: يقول جوابا على سؤال:

/وأما قوله: أريد أن أقتل نفسي في اللّه . فهذا كلام مجمل، فإنه إذا فعل ما أمره اللّه

به، فأفضى ذلك إلى قتل نفسه، فهذا محسن في ذلك، كالذي يحمل على الصف وحده حملاً فيه منفعة للمسلمين، وقد اعتقد أنه يُقتل، فهذا حسن . وفي مثله أنزل اللّه قوله: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ } [ البقرة: 207 ] ، ومثل ما كان بعض الصحابة ينغمس في العدو بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم . وقد روى الخَلاَّلُ بإسناده عن عمر بن الخطاب: أن رجلاً حمل على العدو وحده، فقال الناس: ألقى بيده إلى التهلكة . فقال عمر: لا، ولكنه ممن قال اللّه فيه: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ } .

وأما إذا فعل ما لم يؤمر به، حتى أهلك نفسه، فهذا ظالم متعدٍ بذلك، مثل أن يغتسل من الجنابة في البرد الشديد بماء بارد يغلب على ظنه أنه يقتله، أو يصوم في رمضان صوماً يفضي إلى هلاكه، فهذا لا يجوز، فكيف في غير رمضان ؟ !

وقد روى أبو داود في سننه، في قصة الرجل الذي أصابته جراحة، فاستفتى من كان معه: هل تجدون لي رخصة في التيمم ؟ فقالوا: لا نجد لك رخصة، فاغتسل، فمات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: / ( قَتَلوه، قتلهم اللّه، هَلا سألوا إذا لم يعلموا، فإنما شِفاءُ العيِّ السؤال )

وكذلك روى حديث عمرو بن العاص، لما أصابته الجنابة في غزوة ذات السلاسل، وكانت ليلة باردة فتيمم، وصلى بأصحابه بالتيمم، ولما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ( ياعمرو، أصليت بأصحابك، وأنت جنب ؟ ) فقال: يارسول اللّه، إني سمعت اللّه يقول: { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ } [ النساء: 29 ] فضحك، ولم يقل شيئاً . فهذا عمرو قد ذكر أن العبادة المفضية إلى قتل النفس بلا مصلحة مأمور بها، هي من قتل النفس المنهي عنه، وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك

وقتل الإنسان نفسه حرام بالكتاب والسنة والإجماع، كما ثبت عنه في الصحاح أنه قال: ( من قتل نفسه بشيء عُذب به يوم القيامة ) ، وفي الحديث الآخر: ( عبدي بادأني بنفسه، فحرمتُ عليه الجنة، وأوجبت له النار ) ، وحديث القاتل الذي قتل نفسه لما اشتدت عليه الجراح، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخبر أنه من أهل النار، لعلمه بسوء خاتمته، وقد كان صلى الله عليه وسلم لا يصلى على من /قتل نفسه؛ ولهذا قال سمرة بن جندب عن ابنه لما أخبر أنه بُشِمَ، فقال: لو مات لم أصل عليه .

فينبغي للمؤمن أن يفرق بين ما نهي اللّه عنه من قصد الإنسان قتل نفسه، أو تسببه في ذلك، وبين ما شرعه اللّه من بيع المؤمنين أنفسهم وأموالهم له، كما قال تعالى: { إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ } [ التوبة: 111 ] ، وقال: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ } [ البقرة: 207 ] أي: يبيع نفسه .

والاعتبار في ذلك بما جاء به الكتاب والسنة، لا بما يستحسنه المرء أو يجده، أو يراه من الأمور المخالفة للكتاب والسنة، بل قد يكون أحد هؤلاء كما قال عمر بن عبد العزيز: من عَبَدَ اللّه بجهل، أفسد أكثر مما يصلح .

وفي شرح السير الكبير للسرخسي:

2963 - وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا حَمَلَ عَلَى أَلْفِ رَجُلٍ وَحْدَهُ فَإِنْ كَانَ يَطْمَعُ أَنْ يَظْفَرَ بِهِمْ أَوْ يَنْكَأَ فِيهِمْ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ . لِأَنَّهُ يَقْصِدُ بِفِعْلِهِ النَّيْلَ مِنْ الْعَدُوِّ

2964 - وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم , غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ يَوْمَ أُحُدٍ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم , وَبَشَّرَ بَعْضَهُمْ بِالشَّهَادَةِ حِينَ اسْتَأْذَنَهُ فِي ذَلِكَ , وَإِنْ كَانَ لَمْ يَطْمَعْ فِي نِكَايَةٍ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ هَذَا الصَّنِيعُ . لِأَنَّهُ يُتْلِفُ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ , وَلَا نِكَايَةٍ فِيهِ لِلْمُشْرِكِينَ .

2965 - وَفِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ يَسَعُهُ الْإِقْدَامُ , وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْقَوْمَ يَقْتُلُونَهُ وَأَنَّهُ لَا يَتَفَرَّقُ جَمْعُهُمْ بِسَبَبِهِ ; لِأَنَّ الْقَوْمَ هُنَاكَ مُسْلِمُونَ مُعْتَقِدُونَ لِمَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ , فَلَا بُدَّ مِنْ أَنَّ فِعْلَهُ يَنْكِي فِي قُلُوبِهِمْ , وَإِنْ كَانُوا لَا يُظْهِرُونَ ذَلِكَ , وَهَا هُنَا الْقَوْمُ كُفَّارٌ لَا يَعْتَقِدُونَ حَقِيقَةَ الْإِسْلَامِ وَفِعْلُهُ لَا يَنْكِي فِي بَاطِنِهِمْ , فَيُشْتَرَطُ النِّكَايَةُ ظَاهِرًا لِإِبَاحَةِ الْإِقْدَامِ

2966 - وَإِنْ كَانَ لَا يَطْمَعُ فِي نِكَايَةٍ وَلَكِنَّهُ يُجْزِئُ بِذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُظْهِرَ بِفِعْلِهِ النِّكَايَةَ فِي الْعَدُوِّ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ , إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى طَمَعٍ مِنْ النِّكَايَةِ بِفِعْلِهِ جَازَ لَهُ الْإِقْدَامُ , فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ يَطْمَعُ فِي النِّكَايَةِ فِيهِمْ بِفِعْلِ غَيْرِهِ . وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ فِي إرْهَابِ الْعَدُوِّ وَإِدْخَالِ الْوَهَنِ عَلَيْهِمْ بِفِعْلِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ ; لِأَنَّ هَذَا أَفْضَلُ وُجُوهِ النِّكَايَةِ , وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَكُلُّ وَاحِدٍ يَبْذُلُ نَفْسَهُ لِهَذَا النَّوْعِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ .

وَلَوْ كَانَ أَسِيرًا فِي بَعْضِ حُصُونِهِمْ إذَا أَرَادَ أَنْ يَشُدَّ عَلَى بَعْضِهِمْ فَيَقْتُلُهُ فَإِنْ كَانَ يَطْمَعُ فِي قَتْلِهِ أَوْ فِي نِكَايَةٍ فِيهِمْ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ , وَإِنْ كَانَ لَا يَطْمَعُ فِي ذَلِكَ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ . لِأَنَّهُ يُلْقِي بِيَدِهِ إلَى التَّهْلُكَةِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ , فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمْ يَقْتُلُونَهُ بَعْدَ هَذَا وَيُمَثِّلُونَ بِهِ .

3169 - وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْحُكْمَ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ فِي الصَّيْفِ يُقَاتِلُ , وَأَنَّهُ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ; مِنْهُمْ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ وَمِنْهُمْ حَمِيُّ الدَّبْرِ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ يَوْمَ الرَّجِيعِ , يَوْمَ بَنِي لِحْيَانَ , فَإِذَا كَانَ يَجُوزُ هَذَا لِلْمُقَاتِلِ إذَا كَانَ يُنْكِرُ فِعْلَهُ فِيهِمْ فَلَأَنْ يَجُوزَ لِلْأَسِيرِ كَانَ أَوْلَى

وَإِنْ أُمِرَ بِالسُّجُودِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَضَرَبَهُ الَّذِي يُمْسِكُهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْتُلَ الْعِلْجَ وَيَأْبَى السُّجُودَ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُقْتَلُ . لِأَنَّ ضَرْبَ الْعِلْجِ وَقَتْلَهُ إنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ يَكُونُ نِكَايَةً فِيهِمْ لَا مَحَالَةَ , وَفِي إبَائِهِ السُّجُودَ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى إعْزَازُ الدَّيْنِ , فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَفْعَلَهُ , وَلَا يَكُونُ بِهِ مُعِينًا عَلَى نَفْسِهِ .

3174 - وَلَوْ قَالَ الْأَسِيرُ لَهُمْ: أَنَا أَعْلَمُ الطِّبَّ فَسَأَلُوهُ أَنْ يَسْقِيَهُمْ الدَّوَاءَ فَسَقَاهُمْ السُّمَّ فَقَتَلَهُمْ فَإِنْ سَقَى الرِّجَالَ مِنْهُمْ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ . لِأَنَّ ذَلِكَ نِكَايَةٌ فِيهِمْ , وَأَكْرَهُ لَهُ أَنْ يَسْقِيَ الصِّبْيَانَ وَالنِّسَاءَ , كَمَا أَكْرَهُ لَهُ قَتْلَهُمْ . إلَّا أَنْ تَكُونَ امْرَأَةً مِنْهُمْ قَدْ أَضَرَّتْ بِهِ . وَقَصَدَتْ قَتْلَهُ , فَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَسْقِيَهَا كَمَا لَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْتُلَهَا إنْ تَمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ . وَلَوْ أَنَّ أَسِيرًا فِيهِمْ دَلَّى نَفْسَهُ مِنْ حِصْنٍ أَوْ سُورِ مَدِينَةٍ لِيَهْرَبَ فَسَقَطَ فَمَاتَ , فَإِنْ كَانَ عَلَى طَمَعٍ مِنْ أَنْ يَنْجُوَ حِينَ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِمَا صَنَعَ . لِأَنَّ قَصْدَهُ السَّعْيُ فِي نَجَاتِهِ وَالْفِرَارُ بِدِينِهِ كَيْ لَا يُفْتَتَنَ وَالْمُجَاهِدُ فِي كُلِّ مَا يَصْنَعُ عَلَى طَمَعٍ مِنْ الظَّفَرِ وَخَوْفٍ مِنْ الْهَلَاكِ .

3176 - فَإِنْ كَانَ هَذَا الْفِعْلُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ , وَإِنْ كَانَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ الْهَلَاكِ أَوْ كَانَ أَكْبَرَ الرَّأْيِ أَنَّهُ لَا يَنْجُو فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ هَذَا الصَّنِيعُ . لِأَنَّهُ يَقْتُلُ بِهِ نَفْسَهُ . 3177 - وَهُوَ نَظِيرُ مَا سَبَقَ إذَا دَلَّى نَفْسَهُ فِي قِدْرٍ مِنْ بَعْضِ الْمَطَامِيرِ لِيُقَاتِلَ الْعَدُوَّ فَإِنْ كَانَ يَطْمَعُ أَنْ يَنْكَأَ فِعْلُهُ فِيهِمْ لَمْ يَكُنْ بِمَا صَنَعَ بِهِ بَأْسٌ وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ يُقْتَلُ وَلَا يَنْكَأُ فِعْلُهُ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ

4461 - وَلَوْ أَنَّ عَسَاكِرَ ثَلَاثَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ دَخَلُوا أَرْضَ الْعَدُوِّ , وَدَخَلَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ نَاحِيَةً مِنْ النَّوَاحِي , فَأَتَى الْعَدُوُّ عَسْكَرَيْنِ مِنْ تِلْكَ الْعَسَاكِرِ , وَتَرَكُوا الْعَسْكَرَ الثَّالِثَ , فَأُخْبِرَ الْعَسْكَرُ الثَّالِثُ بِكَثْرَةِ الْعَدُوِّ , فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْعَسْكَرِ الثَّالِثِ أَنَّ أَهْلَ الْعَسْكَرَيْنِ يَنْتَصِفُونَ مِنْ الْعَدُوِّ مَضَوْا عَلَى غَزْوِهِمْ . لِأَنَّ الْعَسْكَرَيْنِ الْآخَرَيْنِ لَا يَحْتَاجَانِ إلَى إعَانَتِهِمَا

4462 - وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ الرَّأْيِ مِنْهُمْ أَنَّ أَحَدَ الْفَرِيقَيْنِ يَنْتَصِفُ , وَالْآخَرَ لَا يَنْتَصِفُ أَتَوْا الْفَرِيقَ الْآخَرَ الَّذِي لَا يَنْتَصِفُ . لِمَا قُلْنَا: إنَّ فِيهِ نِكَايَةً لِلْعَدُوِّ وَنَجَاةَ الْمُسْلِمِينَ . 4463 - وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ الرَّأْيِ مِنْهُمْ أَنَّ الْفَرِيقَيْنِ لَا يَنْتَصِفُونَ مِمَّنْ أَتَاهُمْ , وَإِنْ تَفَرَّقُوا لَمْ يُغْنُوا شَيْئًا , فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْعَسْكَرَيْنِ أَقْرَبَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ أَتَوْا الْعَسْكَرَ الْآخَرَ وَتَرَكُوهُمْ . لِمَا قُلْنَا: إنَّ الْخَوْفَ عَلَيْهِمْ أَكْبَرُ .

4464 - وَإِذَا كَانَ حَالُ الْعَسْكَرَيْنِ حَالًا وَاحِدَةً أَتَوْا أَقْرَبَ الْعَسْكَرَيْنِ مِنْهُمْ وَإِنْ كَانَ الْعَسْكَرُ الْآخَرُ يَهْلَكُ . لِأَنَّ عَدُوَّ ذَلِكَ الْعَسْكَرِ أَقْرَبُ مِنْهُمْ

4465 - فَإِنْ كَانَ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ قَلِيلًا وَالْآخَرُونَ كَثِيرًا بُدِئَ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَلَمْ يُنْظَرْ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ . لِأَنَّ حَقَّ الْأَقْرَبِ أَوْجَبُ .

4466 - إلَّا إنْ كَانَ هَذَا يَضُرُّ بِالْمُسْلِمِينَ إضْرَارًا شَدِيدًا وَيَخَافُونَ أَنْ يَهْلَكَ الْمُسْلِمُونَ بِهِ وَيَذِلُّونَ , فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ هَكَذَا أَتَوْا الْكَثِيرَ . لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا أَكْثَرُ وَأَعَمُّ .

4467 - وَإِنْ كَانَ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ أَكْثَرَ وَالْأَبْعَدُونَ أَقَلَّ لَا يَكُونُ الْأَبْعَدُ أَوْلَى بِالنُّصْرَةِ وَلَكِنَّ الْأَقْرَبِينَ أَوْلَى . لِأَنَّ رُبَّ قَلِيلٍ يَنْتَصِفُونَ مِنْ كَثِيرٍ , وَرُبَّ كَثِيرٍ لَا يَنْتَصِفُونَ مِنْ قَلِيلٍ فَحَقُّ النُّصْرَةِ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ , إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ . وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام