"وَهُوَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ . وَكُلُّ حَدِيثٍ يُرْوَى فِي زِيَارَةِ الْقَبْرِ فَهُوَ ضَعِيفٌ بَلْ مَوْضُوعٌ (1) بَلْ قَدْ كَرِهَ مَالِك وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَدِينَةِ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ: زُرْت قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا الْمُسِنُّونَ السَّلَامَ عَلَيْهِ إذَا أَتَى قَبْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ يَفْعَلُونَ إذَا أَتَوْا قَبْرَهُ ؛ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ . وَمِنْ ذَلِكَ الطَّوَافُ بِغَيْرِ الْكَعْبَةِ وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَشْرَعُ الطَّوَافُ إلَّا بِالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ فَلَا يَجُوزُ الطَّوَافُ بِصَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَلَا بِحُجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا بِالْقُبَّةِ الَّتِي فِي جَبَلِ عَرَفَاتٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ . وَكَذَلِكَ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ الِاسْتِلَامُ وَلَا التَّقْبِيلُ إلَّا لِلرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ (2) "
(1) - بل فيه الحسن والضعيف والمنكر والموضوع
(2) - قلت: قد صح عن بعض الصحابة والتابعين ذلك
ففي أخبار مكة للفاكهي - (ج 1 / ص 202)
184 -حدثنا يعقوب بن حميد قال: ثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن خثيم ، عن أبي الطفيل قال: إنه « رأى معاوية رضي الله عنه يستلم الأركان كلها »
185 -حدثنا عبد السلام بن عاصم قال: ثنا محمد بن سعيد بن سابق قال: ثنا عمرو بن أبي قيس ، عن عمار الدهني ، عن أبي شعبة قال: « رأيت الحسن والحسين رضي الله عنهما يستلمان الأركان كلها »
186 -حدثنا يعقوب بن حميد قال: ثنا سليمان بن سالم ، عن عبد الرحمن بن حميد ، عن أبيه قال: « إن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه كان يطوف بالبيت فكلما بلغ ركنا من الأركان استلمه »
187 -حدثنا يعقوب بن حميد قال: ثنا بشر بن السري ، عن نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة قال: إن ابن الزبير رضي الله عنهما « كان يستلم الأركان كلها »
188 -حدثنا ميمون بن الحكم الصنعاني قال: ثنا محمد بن جعشم ، عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن دينار ، عن أبي الشعثاء ، أنه كان يقول: « ومن يتقي شيئا من البيت ؟ » قال ابن جريج « وكان ابن الزبير يستلمه حين يبدأ إلى حين يختم »
189 -حدثنا محمد بن علي المروزي قال: ثنا علي بن الحسين بن واقد قال: حدثني أبي ، عن أبي الزبير ، قال سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: « كنا نؤمر إذا طفنا أن نستلم الأركان كلها » قال أبو علي قال الشقيقي أو غيره: ورأيت ابن الزبير رضي الله عنهما يفعله
190 -حدثنا يعقوب بن حميد ، وأبو مروان قالا: ثنا عبد العزيز بن محمد ، قال يعقوب في حديثه: وأنس بن عياض ، عن هشام بن عروة قال: « إن أباه كان يختم باستلام الأركان كلها »
191 -حدثنا يعقوب بن حميد قال: ثنا معن بن عيسى ، عن ثابت بن قيس قال: « رأيت نافع بن جبير أول ما يطوف بالبيت يستلم الأركان كلها أول طوافه ولا يستلم بعده إلا اليماني والأسود »
192 -وحدثني الحسن بن إبراهيم البياضي قال: ثنا يونس بن محمد قال: ثنا محمد بن مسلم الطائفي ، عن إبراهيم بن ميسرة قال: قال رجل لطاوس: إن ابن عمر رضي الله عنهما كان لا يدع الركن في كل طواف ، قال: « قد كان من هو خير منه يدعه » ، قيل: من ؟ قال: « أبوه عمر رضي الله عنهما »
وفي الموسوعة الفقهية
1-45 كاملة - (ج 2 / ص 8037)
وأمّا استلام الرّكنين الآخرين - الشّاميّ والعراقيّ - فليس بمشروعٍ في الجملة.
قال البهوتيّ: ولا يستلم ولا يقبّل الرّكنين الآخرين ، لقول ابن عمر رضي الله عنهما: « لم أر النّبيّ صلى الله عليه وسلم يمسح من البيت إلاّ الرّكنين اليمانيّين »
وقد صرّح الحنفيّة والمالكيّة بكراهة استلام الرّكنين العراقيّ والشّاميّ - وهي كراهة تنزيهيّة عند الحنفيّة - قالوا: لأنّهما ليسا ركنين حقيقةً بل من وسط البيت ; لأنّ بعض الحطيم من البيت.
وقال الشّافعيّة: لا يسنّ استلام الرّكنين ولا تقبيلهما.
قال الشّربينيّ الخطيب: والمراد بعدم تقبيل الأركان الثّلاثة إنّما هو نفي كونه سنّةً ، فلو قبّلهنّ أو غيرهنّ من البيت لم يكن مكروهًا ولا خلاف الأولى ، بل يكون حسنًا ، كما نقله في الاستقصاء عن نصّ الشّافعيّ قال: وأيّ البيت قبّل فحسن غير أنّا نؤمر بالاتّباع.
قال الإسنويّ: فتفطّن له ، فإنّه أمر مهمّ.
20 -والسّبب في اختلاف الأركان في هذه الأحكام أنّ الرّكن الّذي فيه الحجر الأسود فيه فضيلتان: كون الحجر فيه ، وكونه على قواعد إبراهيم عليه السلام ، واليمانيّ فيه فضيلة واحدة ، وهو كونه على قواعد إبراهيم عليه السلام.
وأمّا الشّاميّان فليس لهما شيء من الفضيلتين.
« قال ابن عمر رضي الله عنهما: ما أراه - يعني النّبيّ صلى الله عليه وسلم - ترك استلام الرّكنين اللّذين يليان الحجر إلاّ أنّ البيت لم يتمّ على قواعد إبراهيم ، ولا طاف النّاس من وراء الحجر إلاّ لذلك »