ويقول بأن هذه المشاعر العدائية ظلت حية بعد جميع أدوار التبادل الثقافي واستمرت في تطور رغم أن الشعور الديني الذي كان سبب هذا العداء قد أخلى مكانه. ويقول بأن هذا ليس بغريب إذ إنه من المقرر في علم النفس أن الإنسان قد يفقد جميع الاعتقادات الدينية في تلقنها في أثناء طفولته، بينما تظل عنده بعض الخرافات الخاصة تتحدى كل تعليل عقلي (المصدر السابق: ص60-61) .
وأقول: إن مقررات علم النفس هذه إنما تنطبق على أديان أوروبا لا دين الفطرة دين الإسلام.].
وسواء كان قيام دولة الآيات، أو تصاعد المد الشيعي في العالم الإسلامي مقصوداً للعدو الكافر أو غير مقصود فإنه بلا شك له آثاره في الصد عن سبيل الله، وظهور الزندقة المقنعة التي ينخدع بها المسلمون، وهذا هو الداء الأكبر، وهذا ما يتضح بالمسألة التالية:
يذكر شيخ الإسلام - رحمه الله - أن مبدأ ضلال الإسماعيلية والنصيرية وغيرهم من الزنادقة الملاحدة المنافقين تصديق الرافضة في أكاذيبهم التي يذكرونها في تفسير القرآن والحديث [منهاج السنة: 4/3.] .
وكان أئمة العبيديين إنما يقيمون مبدأ دعواهم بالأكاذيب التي اختلقتها الرافضة ليستجيب لهم بذلك الشيعة الضلال، ثم ينقلون الرجل من القدح في الصحابة إلى القدح في علي ثم في الإلهية كما رتبه لهم صاحب البلاغ الأكبر والناموس الأعظم، ولهذا كان الرفض أعظم باب ودهليز إلى الكفر والإلحاد [منهاج السنة: 4/3.] .
"فالرافضة هم الباب لهؤلاء الملحدين منهم يدخلون إلى سائر أصناف الإلحاد في أسماء الله، وآيات كتابه المبين، كما قرر ذلك روؤس الملاحدة من القرامطة والباطنية وغيرهم من المنافقين" [منهاج السنة: 1/3.] .
وقد تبين - فيما مضى - كيف أن روايات الاثني عشرية وأحاديثها التي يزعمون تلقيها عن آل البيت هي المناخ الملائم، والتربة الصالحة لظهور الأفكار الغالية وخروج الفرق الملحدة، لأنها جمعت"حثالة"آراء وأقوال الفرق الشيعية الشاذة بمختلف اتجاهاتها، والتي فرقت الأمة وأفسدت عليها أمرها، والتي وصلتنا أقوالها بواسطة كتب الفرق والمقالات، ثم وجدنا روايات الاثني عشرية تشهد لهذه الاتجاهات وتؤيدها [انظر: ص (979-980) من هذه الرسالة.] .
ومن هنا انبثق من الاثني عشرية فرق كثيرة اشتهر غلوها وكفرها كالشيخية والكشفية والبابية وغيرها. وقد قال صاحب المنتقى بأن"الرفض مأوى شر الطوائف.." [انظر: المنتقى: ص77.] .
ثم ذكر جملة من فرق الزندقة والإلحاد الذين يعيشون تحت مظلة الرفض، ولذا قال الغزالي:"إن مذهب الباطنية ظاهره الرفض، وباطنه الكفر المحض" [فضائح الباطنية: ص37.] .
فهم كفرة يتظاهرون بالتشيع.. ويبدو أن هؤلاء يشكلون السواد الأعظم منهم حتى ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن"كثيراً من أئمة الرافضة وعامتهم زنادقة وملاحدة ليس لهم غرض في العلم ولا في الدين" [منهاج السنة: 4/70.] .
فجو التشيع مناخ خصب لمختلف النحل والأهواء، وقد سجل محب الدين الخطيب أن التشيع كان عاملاً من عوامل انتشار الشيوعية والبهائية في إيران [الخطوط العريضة: ص44-45.] .
محاولة إضلال المسلمين في سنة نبيهم:
ومن آثارهم الفكرية أن طائفة منهم اندسوا في رجال الحديث وحاولوا إدخال بعض الروايات التي تخدم التشيع.. حتى وُجدت مادة من هذه اللون في معاجم أهل السنة ودواوين الحديث عندهم، لكن تنبه لذلك رجال الحديث فبينوا الحق وكشفوا الكيد الرافضي، وقد بين الشيخ السويدي هذا الأثر الذي تركه هؤلاء الروافض حينما قال:"إن بعض علمائهم اشتغلوا بعلم الحديث، وسمعوا الأحاديث من ثقات المحدثين وحفظوا أسانيد أهل السنة الصحيحة، وتحلوا في الظاهر بحلي التقوى والورع بحيث كانوا يعدون من محدثي أهل السنة، فكانوا يروون الأحاديث صحاحاً وحساناً، ثم أدرجوا في تلك الأحاديث موضوعات مطابقة لمذهبهم، وقد ضل بذلك كثير من خواص أهل السنة، فضلاً عن العوام ولكن قيض الله - بفضله - أئمة الحديث فأدركوا الموضوعات فنصوا على وضعها فتبين حالها حينئذ والحمد لله على ذلك."
وقد أقرت طائفة منهم بالوضع بعدما انكشف حالهم، ثم قال السويدي:"وتلك الأحاديث الموضوعة إلى الآن موجودة في المعاجم والمصنفات وقد تمسك بها أكثر التفضيلية [التفضيلية أو المفضلة هم الذين يفضلون علياً على أبي بكر وعمر من الزيدية وغيرهم. (انظر: التسعينية لابن تيمية: ص40) .] . والمتشيعة" [السويدي/ نقض عقائد الشيعة (مخطوط غير مرقم الصفحات، وبالعد ينظر ص25-26، وانظر: الألوسي/ السيوف المشرقة: ص50(مخطوط) ، ومختصر التحفة: ص32.] .
ويقول الألوسي بأن ممن يستخدم هذه الوسيلة جابر الجعفي [السيوف المشرقة: ص50.] ، وذكر ابن القيم أن الحافظ أبا يعلى قال في كتابه الإرشاد: وضعت الرافضة من فضائل علي رضي الله عنه وأهل البيت نحو ثلاثمائة ألف حديث، وعقب على ذلك ابن القيم بقوله: ولا نستبعد هذا؛ فإنك لو تتبعت ما عندهم من ذلك لوجدت الأمر كما قال [المنار المنيف: ص116.] .