، ويلزم من ذلك أن يكون طريق من يقول كل رزق لا يرزقنيه الشيخ لا أريده طريقا صحيحا ، وطريق من يقول: إن الله ينزل إلى الأرض (1) وأن كل مسجد فإن الله قد وضع قدمه عليه طريقا صحيحا ، وطريق من يقول على الدرة البيضاء كان اجتماعنا وفي قاب قوسين اجتماع الأحبة طريقا صحيحا ، وطريق من يقول إن شيخه قد أسقط عنه الصلاة طريقا صحيحا ، وأمثال هذه الضلالات التي توجد في كثير من العامة أتباع المشايخ (2) فإن كثيرا من هؤلاء جازمون بنجاتهم وسعادة مشايخهم أعظم من قطع الإثني عشرية للأئمة وأتباعهم ، فإن كان ما ذكره من أتباع الجازم بالنجاة واجبا وجب اتباع هؤلاء ، ومن جملة اتباع هؤلاء القدح في الشيعة وإبطال طريقتهم فيلزم من اتباع الجازم إبطال قول الشيعة ، وإن لم يكن اتباع الجازم مطلقا طريقا صحيحا بطلت حجته ، وكذلك يقال لهؤلاء وهؤلاء إن كان اتباع أهل الجزم أولى بالاتباع من طريقة الذين يأمرون بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ويتبعون أهل العلم والدين فيما يأمرون به من طاعة الله ورسوله ولا يوجبون طاعة معين إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يضمنون السعادة إلا لمن أطاع الله ورسوله ، ويقولون إن من سواه يخطئ ويصيب فلا يطاع مطلقا فإن كان اتباع هؤلاء نقصا وخطأ والصواب اتباع أهل الجزم مطلقا وجب اتباع شيعة الأئمة المعصومين وشيعة المشايخ المحفوظين، وشيعة هؤلاء يقدحون في هؤلاء وشيعة هؤلاء يقدحون في هؤلاء، فيلزم أن يكون كل من الطريقين باطلا حقا ، وهذا جمع بين النقيضين ، وهذا إنما لزم لأن الأصل فاسد وهو اتباع من يجزم بلا علم ولا دليل فكل من جعل اتباع الشيخ الجازم والمجازف بلا حجة ولا دليل أو الإمامي الجازم المجازف بالنجاة بلا حجة ولا دليل مما يجب اتباعه لزم تناقض أقوالهم بخلاف الأقوال التي ترجع إلى أصل صحيح فإنها لا تتناقض .
ج25- الرافضة إن شهدوا: شهدوا بما لا يعلمون ، أو شهدوا بالزور الذي يعلمون أنه كذب ، فهم كما قال الشافعي - رحمه الله -: ما رأيت قوماً أشهد بالزور من الرافضة . ص 502 جـ (3) (3) .
ج26- ( وهنا أمور ) :
الوجه الأول - لا نسلم أن الإمامية أخذوا مذهبهم عن أهل البيت لا الإثنا عشرية ولا غيرهم، بل هم مخالفون لعلى رضي الله عنه وأئمة أهل البيت في جميع أصولهم التي فارقوا فيها أهل السنة والجماعة: توحيدُهم وعدلُهم وإمامتُهم ، فإن الثابت عن علي رضي الله عنه وأئمة أهل البيت من إثبات الصفات لله تعالى وإثبات القدر وإثبات خلافة الخلفاء الثلاثة وإثبات فضيلة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وغير ذلك من المسائل ، كله يناقض مذهب الرافضة ، والنقل بذلك ثابت مستفيض في كتب أهل العلم بحيث أن معرفة المنقول في هذا الباب عن أئمة أهل البيت يوجب علما ضروريا بأن الرافضة مخالفون لهم لا موافقون لهم .
الوجه الثاني- أن يقال قد عُلِمَ أن الشيعة مختلفون اختلافا كثيرا في مسائل الإمامة والصفات والقدر وغير ذلك من مسائل أصول دينهم ، فأي قول لهم هو المأخوذ عن الأئمة المعصومين ؟!!
(1) - قلت: حديث النزول متواتر
فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِى فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ » .رواه مالك في الموطأ (502) والبخاري (1145) ومسلم (758) وغيرهما
والنزل ليس حسيا ، لأنه مستحيل على الله تعالى، فهو نزول يليق بذاته سبحانه وتعالى
(2) - المقصود بالمشايخ هنا مشايخ الصوفية المخرفين وخاصة متأخريهم أمثال ابن عربي وابن سعين ، وليس المشايخ المتقدمين ، وكذلك مشايخ المذاهب الهدامة كالقرامطة والنصيرية والدروز
(3) - قد مر تخريجه سابقا ،
وقد حذر الله تعالى من شهادة الزور حيث قال: { فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) [الحج/30] }
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِى إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِى إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقاً وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِى إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِى إِلَى النَّارِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّاباً » . أخرجه مسلم برقم ( 2607 )