فهرس الكتاب
الصفحة 59 من 247

حتى مسائل الإمامة قد عرف اضطرابهم فيها، وقد تقدم بعض اختلافهم في النص وفي المنتظر ، فهم في الباقي المنتظر على أقوال منهم من يقول ببقاء جعفر بن محمد ومنهم من يقول ببقاء ابنه موسى بن جعفر ومنهم من يقول ببقاء عبد الله بن معاوية ومنهم من يقول ببقاء محمد بن عبد الله بن حسن ومنهم من يقول ببقاء محمد بن الحنفية ، وهؤلاء يقولون نص عليٌّ على الحسن والحسين ، وهؤلاء يقولون على محمد بن الحنفية وهؤلاء يقولون أوصى علي بن الحسين إلى ابنه أبي جعفر وهؤلاء يقولون إلى ابنه عبد الله وهؤلاء يقولون أوصى إلى محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين ، وهؤلاء يقولون إن جعفر أوصى إلى ابنه إسماعيل ، وهؤلاء يقولون إلى ابنه محمد ، وهؤلاء يقولون إلى ابنه عبد الله ، وهؤلاء يقولون إلى ابنه موسى ، وهؤلاء يسوقون النص إلى محمد بن الحسن ، وهؤلاء يسوقون النص إلى بني عبيد الله بن ميمون القداح الحاكم وشعيته ، وهؤلاء يسوقون النص من بني هاشم إلى بني العباس ، ويمتنع أن تكون هذه الأقوال المتناقضة مأخوذة عن معصوم، فبطل قولهم أن أقوالهم مأخوذةٌ عن معصوم .

الوجه الثالث - أن يقال هب أن عليا رضي الله عنه كان معصوما فإذا كان الاختلاف بين الشيعة هذا الاختلاف وهم متنازعون هذا التنازع فمن أين يعلم صحة بعض هذه الأقوال عن علي دون الآخر؟!!

وكلٌّ منهم يدَّعي أن ما يقوله إنما أخذه عن المعصومين ، وليس للشيعة أسانيد متصلة برجال معروفين مثل أسانيد أهل السنة حتى ينظر في الإسناد وعدالة الرجال، بل إنما هي منقولات منقطعة عن طائفة عرف فيها كثرة الكذب وكثرة التناقض في النقل فهل يثق عاقل بذلك؟!!

وإن ادَّعوا تواتر نصِّ هذا على هذا ونص هذا على هذا كان هذا معارضا بدعوى غيرهم مثل هذا التواتر، فإن سائر القائلين بالنص إذا ادعى مثل هذه الدعوى لم يكن بين الدعويين فرق، فهذه الوجوه وغيرها تبين أن بتقدير ثبوت عصمة على رضي الله عنه فمذهبهم ليس مأخوذاً عنه ، فنفس دعواهم العصمة في على مثل دعوى النصارى الإلهية في المسيح مع أن ماهم عليه ليس مأخوذا عن المسيح عليه السلام .

الوجه الرابع- أنهم في مذهبهم محتاجون إلى مقدمتين إحداهما عصمةُ من يضيفون المذهب إليه من الأئمة والثانية ثبوتُ ذلك النقل عن الإمام ، وكلتا المقدمتين باطلةٌ ، فإن المسيحَ ليس بإلهٍ ، بل هو رسول كريم ، وبتقدير أن يكون إلها أو رسولا كريما فقوله حقٌّ ، لكنْ ما تقوله النصارى ليس من قوله ، ولهذا كان في علي رضي الله عنه شبه من المسيح قوم غلوا فيه فوق قدره وقوم نقصوه دون قدره (1) ، فهم كاليهود والنصارى في المسيح فهؤلاء يقولون عن المسيح إنه إله وهؤلاء يقولون كافر ولد بغية وكذلك عليٌّ رضي الله عنه هؤلاء يقولون إنه إله وهؤلاء يقولون إنه كافر ظالم

ج27- قال عمرو بن أبي المقدام كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين (2) ،

وأما قوله (3) : اشتغل بالعبادة عن الرياسة، فهذا تناقض من الإمامية ؛لأن الإمامة عندهم واجب عليه أن يقوم بها وبأعبائها لأنه لا إمام في وقته إلا هو ، فالقيام بهذا الأمر العظيم لو كان واجبا لكان أولى من الاشتعال بنوافل العبادات.

وأما قوله: إنه هو الذي نشر فقه الإمامية والمعارف الحقيقية والعقائد اليقينية ، فهذا الكلام يستلزم أحد أمرين:

إما أنه ابتدع في العلم ما لم يكن يعلمه من قبله وإما أن يكون الذين قبله قصَّروا فيما يجب عليهم من نشر العلم ؟!!

(1) -عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ قَالَ قَالَ لِى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « فِيكَ مَثَلٌ مِنْ عِيسَى أَبْغَضَتْهُ الْيَهُودُ حَتَّى بَهَتُوا أُمَّهُ وَأَحَبَّتْهُ النَّصَارَى حَتَّى أَنْزَلُوهُ بِالْمَنْزِلَةِ الَّتِى لَيْسَ بِهِ » . ثُمَّ قَالَ يَهْلِكُ فِىَّ رَجُلاَنِ مُحِبٌّ مُفْرِطٌ يُقَرِّظُنِى بِمَا لَيْسَ فِىَّ وَمُبْغِضٌ يَحْمِلُهُ شَنَآنِى عَلَى أَنْ يَبْهَتَنِى رواه أحمد في مسنده (1392) فيه ضعف وورد مختصرا عند عبد الرزاق (20648) وابن أبي شيبة (32131) موقوفا عن علي وسنده صحيح

(2) - وفي تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر - (ج 2 / ص 88)

وقال ابن عدي ولجعفر أحاديث ونسخ وهو من ثقات الناس كما قال يحيى بن معين وقال عمرو بن أبي المقدام كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين وقال علي بن الجعد عن زهير بن معاوية قال أبي لجعفر بن محمد إن لي جارا يزعم أنك تبرأ من أبي بكر وعمر فقال جعفر برئ الله من جارك والله إني لارجو أن ينفعني الله بقرابتي من أبي بكر.

وقال حفص بن غياث سمعت جعفر بن محمد يقول ما أرجو من شفاعة علي شيئا إلا وأنا أرجو من شفاعة أبي بكر مثله.

(3) - يعني به ابن طاهر الحلي صاحب كتاب منهاج الكرامة في أصول الإمامة المردود عليه

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام