فهرس الكتاب
الصفحة 103 من 247

، وسنصف لك عنهم من بعدُ، واتخذْ غليظَ العهودِ وتوكيدَ الأيمانِ وشدةَ المواثيقِ جُنَّةً لكَ ،وحصناً ، ولا تهجمْ على مستجيبِك بالأشياءَ الكبارِ التي يستبشعونها حتى ترَقِّيَهُم إلى أعلى المراتبِ حالاً فحالاً ، وتدرجَهم درجةً درجةً على ما سنبينُهُ منْ بعدِ وقفٍ بكلِّ فريقٍ حيثُ احتمالُهم ؛ فواحدٌ لا تزيدُه على التشيُّعِ والائتمامِ بمحمدِ بن إسماعيل، وأنهُ حيٌّ لا تجاوزْ بهِ هذا الحدَّ ، لا سيَّما إنْ كان مثلُه ممنْ يكثَرُ بهِ وبموضعِ اسمهِ، وأظهرْ لهُ العفافَ عن الدرهمِ والدينار ِ، وخففَ عليهِ وطأتكَ مرةً بصلاةِ السبعينَ، وحذِّرْهُ الكذبَ والزنا واللواطَ وشربَ النبيذِ، وعليكِ في أمرهِ بالرفقِ والمداراةِ لهُ والتوددِ، وتصبَّرْ لهُ إنْ كانَ هواهُ متبَّعاً لك تحظَ عندهُ ، ويكونُ لكَ عوناً على دهرِكَ ،وعلى منْ لعلهُ يعاديكَ من أهلِ المللِ، ولا تأمنْ أنْ يتغيرَ عليكَ بعضُ أصحابِك ،ولا تخرجْهُ عن عبادةِ إلههِ والتديُّنِ بشريعةِ محمدٍ نبيهِ صلى الله عليه وسلم ، والقولِ بإمامةِ عليٍّ وبنيهِ إلى محمد بن إسماعيل، وأقمْ له دلائلَ الأسابيعَ فقطْ ، ودقَّهُ بالصومِ والصلاةِ دقًّا ، وشدةِ الاجتهادِ ، فإنك يومئذٍ إنْ أومأتَ إلى كريمتِه فضلاً عن مالِه لمْ يمنعْكَ، وإنْ أدركتْهُ الوفاةُ فوضَ إليكَ ما خلَّفهُ وورَّثكَ إياهُ ، ولم يرَ في العالمِ منْ هوَ أوثقُ منكَ، وآخرُ ترقيةٍ إلى نسخِ شريعةِ محمدٍ، وأن السابعَ هو الخاتَمُ للرسلِ، وأنه ينطقُ كما ينطقونَ ويأتي بأمرٍ جديدٍ، وأن محمداً صاحبُ الدورِ السادسِ، وأنَّ عليًّا لم يكنْ إماماً ،وإنما كانَ سوساً لمحمدٍ، وحسِّنِ القولَ فيه وإلا سياسيةً، فإنَّ هذا بابٌ كبيرٌ وعملٌ عظيمٌ منه ترقَى إلى ما هو أعظمُ منه وأكبرُ منه، ويعينُك على زوالِ ما جاءَ بهِ من قبلكَ من وجوبِ زوالِ النبواتِ على المنهاجِ الذي هو عليهِ، وإياكَ أن ترتفعَ من هذا البابِ إلا إلى منْ تقدِّرُ فيه النجابةَ، وآخرُ ترقيةٍ من هذا إلى معرفةِ القرآنِ ومؤلفهِ وسببهِ، وإياكَ أن تغترَّ بكثيرٍ ممنْ يبلغْ معكَ إلى هذهِ المنزلةِ فترقِّيهِ إلى غيرِها ألَّا يغلطونَ المؤانسةَ والمدارسةَ واستحكامَ الثقةِ به ، فإنَّ ذلكَ يكونُ لك عوناً على تعطيلِ النبواتِ والكتبِ التي يدَّعونها منزلةً من عندِ اللهِ، وآخرُ ترقيةٍ إلى إعلامهِ أنَّ القائمَ قد ماتَ وأنهُ يقومُ روحانيًّا ، وأنَّ الخلقَ يرجعونَ إليه بصورةٍ روحانيةٍ تفصلُ بينَ العبادِ بأمر اللهِ عزَّ وجلَّ، ويستصفي المؤمنينَ من الكافرينَ بصورةٍ روحانيةٍ، فإنَّ ذلكَ يكونُ أيضاً عوناً لك عندَ إبلاغهِ إلى إبطالِ المعادِ الذي يزعمونَهُ ، والنشورِ منَ القبرِ، وآخرُ ترقيةٍ من هذا إلى إبطالِ أمرِ الملائكةِ في السماءِ والجنِّ في الأرضِ، وأنه كانَ قبل آدمَ بشرٌ كثيرٌ ، وتقيمُ على ذلك الدلائلَ المرسومةَ في كتبِنا ، فإنَّ ذلك مما يعينكَ وقتَ بلاغهِ على تسهيلِ التعطيلِ للوحيِ والإرسالِ إلى البشرِ بملائكةٍ والرجوعِ إلى الحقِّ، والقولِ بقدمِ العالمِ ،وآخرُ ترقيةٍ إلى أوائلِ درجةِ التوحيدِ وتدخلُ عليه بما تضمنهُ كتابُهم المترجمُ بكتابِ الدرسِ الشافعيِّ للنفسِ ، من أنه لا إلهَ ولا صفةَ ولا موصوفَ، فإن ذلكَ يعينُك على القولِ بالإلهيةِ لمستحقِّها عند البلاغِ وإلى ذلكَ يعنونَ بهذا أنَّ كلَّ داعٍ منهُم يترقَّى درجةً درجةً إلى أن يصيرَ إماماً ناطقاً، ثم ينقلبُ إلهاً روحانيًّا على ما سنشرحُ قولهِم فيهِ من بعدُ، قالوا: ومن بلَّغتهُ إلى هذا المنزلةِ فعرفْهُ حسبَ ما عرَّفناكَ من حقيقةِ أمرِ الإمامِ، وأن إسماعيلَ وأباهُ محمداً كانا من نوابهِ، ففي ذلك عونٌ لكَ على إبطالِ إمامةِ عليٍّ وولدهِ عند البلاغِ والرجوعِ إلى القولِ بالحقِّ، ثم لا يزالُ كذلك شيئاً فشيئاً حتى يبلغَ الغايةَ القُصوى على تدريجِ يصفهُ عنهم فيما بعدُ، قال القاضي: فهذهِ وصيتُهُم جميعاً للداعي إلى مذاهبِهم، وفيها أوضحُ دليلٍ لكلِّ عاقلٍ على كفرِ القومِ وإلحادهِم وتصريحِهم بإبطالِ حدوثِ العالمِ ومحدثِه وتكذيبِ ملائكتهِ ورسلهِ وجحدِ المعادِ والثوابِ والعقابِ، وهذا هو الأصلُ لجميعِهم ،وإنما يتمحرقونَ بذكرِ الأولِ والثاني والناطقِ والأساسِ إلى غير ِ ذلك، ويخدعونَ به الضعفاءَ حتى إذا استجابَ لهمْ مستجيبٌ أخذوهُ بالقول بالدهرِ والتعطيلِ، وسأصفُ من بعدُ من عظيمِ سبِّهم لجميعِ الرسلِ صلوات الله وسلامهُ عليهم وتجريدِهم القولُ بالاتحادِ، وأنهُ نهايةُ دعوتهِم ما يعلمُ به كلُّ قارئٍ لهُ عظيمَ كفرهِم وعنادهِم للدِّينِ.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام