أدلة القول الثاني:
قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] ، وقد روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - وغيره أن المراد بالساق: الشِّدَّةُ، وسيأتي عرض أقوالهم.
وجه الدلالة من الآية:
قال ابن قتيبة: وأصل هذا: أن الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى معاناته والجد فيه، شمر عن ساقه، فاستعيرت الساق في موضع الشدة. هذا قول الفرَّاء وأبي عبيدة واللُّغويِّين. وقد أضيف هذا الأمر إلى الله تعالى [1] .
قال الخطابي: روي عن ابن عبَّاس أنَّه قال: عن شِدَّةٍ وكرب. قال الْخَطَّابِيُّ: فيحتمل أن يكون معنى قوله: يكشف ربُّنا عن ساقه؛ أي: عن قُدْرَتِهِ الَّتي تنكشف عند الشِّدَّة والمعزَّة [2] .
آثار مروية عن ابن عباس وغيره في تفسير الآية:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ - عز وجل: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] قَالَ: «إِذَا خَفِي عَلَيْكُمْ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ فَابْتَغُوهُ فِي الشِّعْرِ، فَإِنَّهُ دِيوَانُ الْعَرَبِ» . أَمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
اصْبِرْ عَنَاقَ إِنَّهُ شَرٌّ بَاقٍ
قَدْ سَنَّ قَوْمَكَ ضَرْبُ الْأَعْنَاقْ
وَقَامَتِ الْحَرْبُ بِنَا عَنْ سَاقْ [3]
وعن ابن عباس {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] قال: يَوْمُ كَرَبٍ وَشِدَّةٍ [4] .
وعنه: قوله: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] يقول: حين يكشف الأمر، وتبدو الأعمال، وكشفه: دخول الآخرة، وكشف الأمر عنه [5] .
(1) تأويل مشكل القرآن، لابن قتيبة (ص 89) .
(2) أعلام الحديث، الخطابي (3/ 1930) . وعنه البيهقي في الأسماء والصفات (745) .
(3) أخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 542) (3845) وقال: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. ووافقه الذهبي.
(4) الزهد والرقائق، لابن المبارك (2/ 105) ، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، الطبري (23/ 187) ، شرح السنة، البغوي (15/ 138) .
(5) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، الطبري (23/ 187) .