تَنْفَعَانِكَ». قَالَ: فَلَمَّا أَسْلَمَ حُصَيْنٌ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ عَلِّمْنِيَ الكَلِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَعَدْتَنِي. فَقَالَ: «قُلْ: اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي، وَأَعِذْنِي مِنْ شَرِّ نَفْسِي» [1] .
أَثْبَتَتِ الأحاديث السَّابقة أنَّ لله تعالى حدًّا، ولكن لا يعلمه إلاَّ هو [2] .
-الدَّليل الثَّالث: قال إسماعيل الهرويُّ: باب إثبات الحدِّ لله - عز وجل -. ثمَّ ذَكَرَ الحديث بِسَنَدِهِ [3] كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن ينام قال: «اللهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ» [4] .
وجه الدلالة من الحديث:
قال محمود الدَّشْتِيُّ: فهذا إمام من أئمَّة المسلمين [5] استدلَّ بهذا الحديث على أنَّ الله - عز وجل - له حدٌّ لا يَعْلَمُهُ إلاَّ هو، ومن قال: إنَّ هذا الحديث ليس فيه دَلِيلٌ على إثبات الحدِّ لله تعالى فهو رجل غُمْرٌ، في صدره غَمَرٌ، ليس له معرفة بكلام العرب، ولا بِلُغَاتِهِمْ.
فَمِنْ مَذْهَبِ أصحاب الحديث الَّذين هم أهل السُّنَّة وأئمَّةُ المسلمين وعلماءُ بيانٍ يعتقدون ويشهدون: أنَّ من قال: «ليس لله تعالى حَدٌّ» يَعْنِيْ بذلك أنَّ اللهَ في كلِّ مكان، أو ليس هو على العرش استوى كما تقرَّر في قلوب العامَّة، أو ليس سبحانه «شخصًا» [6] ولا «شيئًا» ، أو ليس لله
(1) أخرجه الترمذي في السنن (3483) وضعفه الألباني.
(2) إثبات الحد لله تعالى، محمود ابن أبي القاسم الدشتي (ص 107) .
(3) الأربعون في دلائل التوحيد، أبو إسماعيل الهروي (ص 579) .
(4) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع (4/ 2084) (2713) .
(5) يعني: إسماعيل الهرويّ.
(6) كلمة"شخص"يجوز إطلاقها على الله - عز وجل - من باب الإخبار عنه، كما أخرج مسلم (1498) - (16) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وَلَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ» .