قَالَ: «النَّاسُ يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ العَرْشِ، فَلاَ أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي أَمْ جُوزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ» [1] .
وعزى ابنُ حجر [2] هذا القول إلى شيخه عمر بن رسلان البلقيني [3] .
مناقشة:
(هذا على مذهب أهل التَّأويل المذموم، والصَّواب عدم حمل كلام الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - على الاصطلاحات الحادثة بعد مضيِّ عصر الصَّحابة - رضي الله عنهم - وأتباعهم؛ لأنَّ الله - عز وجل - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - خاطبا النَّاس بلغة العرب، والمخاطَبون فهموا مراده، وما كانوا يفرِّقون بين الحقيقة والمجاز) [4] .
أقول: تقسيم الألفاظ إلى"حقيقة ومجاز"، لم يوجد في عصر الصحابة - رضي الله عنهم - ولا التابعين، إنما استحدث بعدهم بزمن.
-الدليل الثاني: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ لَهُ: مَهْ، قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قَالَ: أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ، قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَذَاكِ» .
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22] [5] .
(1) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ ... } إلى قوله - {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 143] (4/ 153) (3398) .
(2) فتح الباري لابن حجر (10/ 418) .
(3) شيخ الإسلام سراج الدين أبو حفص عمر بن رسلان بن نصير بن صالح البلقيني الكناني، مجتهد عصره، وعالم المائة الثامنة، له شرح على جامع الترمذي سماه:"الْعرف الشذي على جَامع التِّرْمِذِيّ"، توفي سنة (805 هـ) . حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة (1/ 329) طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (4/ 42، ترجمة 737)
(4) شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري، عبد الله بن محمد الغنيمان (2/ 382) .
(5) تقدم تخريجه في صفحة (74) .