استدل ابن تيمية هنا بقياس الأولى، فَمَثَّلَ بالإنسان، فإن صفة قعوده أثناء حياته (قعود البدن) ليست كقعوده في قبره بعد مماته (قعود الروح مع اضطجاع البدن في القبر) ، وهذا الاختلاف وقع في مخلوق واحد، فمن باب أولى ألا يكون قعود الخالق - سبحانه وتعالى - كقعود المخلوق.
أخرج عبد الله بن أحمد: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو جَعْفَرٍ الدَّارِمِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ خَارِجَةَ يَقُولُ: «الْجَهْمِيَّةُ كُفَّارٌ بَلِّغُوا نِسَاءَهُمْ أَنَّهُنَّ طَوَالِقُ، وَأَنَّهُنَّ لَا يَحْلِلْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ، لَا تَعُودُوا مَرْضَاهُمْ، وَلَا تَشْهَدُوا جَنَائِزَهُمْ» ، ثُمَّ تَلَا: {طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 1 - 2] إِلَى قَوْلِهِ - عز وجل: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] ، وَهَلْ يَكُونُ الِاسْتِوَاءُ إِلَّا بِجُلُوسٍ [1] .
فالحاصل أنَّ صفة القعود والجلوس كان السَّلف يذكرونها ولا ينكرونها؛ لأنَّ هذا سبيل الصِّفات كلِّها؛ فإنَّها تثبت على ما يَلِيقُ بالله سبحانه وتعالى [2] .
(1) السن، عبد الله بن أحمد (10) إسناده ضعيف. أحمد: ثقة حافظ. التقريب (39) . وأبوه: مجهول. لسان الميزان (4/ 60) . وخارجة: هو ابن مصعب بن خارجة، أبو الحجاج السرخسي، متروك، وكان يدلس عن الكذابين، ويقال إن ابن معين كذبه، من الثامنة مات سنة (168 هـ) ، ت ق. التقريب (1612) .
(2) الإعلام بمخالفات الموافقات والاعتصام، ناصر بن حمد بن حمين الفهد (ص 59) .