فهرس الكتاب
الصفحة 95 من 106

الباب التاسع والأربعون - باب قول الله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولُنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} [فصلت:50] [1]

قال مجاهد: هذا بعملي، وأنا محقوق به. وقال ابن عباس: يريد: من عندي. وقال آخرون: علي علم من الله أني له أهل.

وقوله: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص:78] ، قال قتادة: علي علم مني بوجوه المكاسب، وقال آخرون: على علم من الله أني له أهل، معني قول مجاهد: أوتيته على شرف.

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إِنّ ثَلاَثَةً من بَنِي إِسْرَائِيلَ. أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى فَأَرَادَ اللّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ. فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكاً. فَأَتَىَ الأَبْرَصَ فَقَالَ: أَيّ شَيْءٍ أَحَبّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: لَوْنٌ حَسَنٌ وَجِلْدٌ حَسَنٌ وَيَذْهَبُ عَنّي الّذِي قَدْ قَذِرَنِي النّاسُ. قَالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ. وَأُعْطِيَ لَوْناً حَسَناً وَجِلْداً حَسَناً. قَالَ: فَأَيّ الْمَالِ أَحَبّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الإِبِلُ (أَوْ الْبَقَرُ. شَكّ إِسْحَاقُ) فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ. فَقَالَ: بَارَكَ اللّهُ لَكَ فِيهَا. قَالَ: فَأَتَىَ الأَقْرَعَ فَقَالَ: أَيّ شَيْءٍ أَحَبّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: شَعَرٌ حَسَنٌ وَيَذْهَبُ عَنّي هََذَا الّذِي قَذِرَنِي النّاسُ. قَالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ. وَأُعْطِيَ شَعَراً حَسَناً. فقَالَ: فَأَيّ الْمَالِ أَحَبّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْبَقَرُ. فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حَامِلاً. فَقَالَ: بَارَكَ اللّهُ لَكَ فِيهَا. قَالَ: فَأَتَىَ الأَعْمَىَ فَقَالَ: أَيّ شَيْءٍ أَحَبّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: أَنْ يَرُدّ اللّهُ إِلَيّ بَصَرِي فَأُبْصِرَ بِهِ النّاسَ. فَمَسَحَهُ فَرَدّ اللّهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ. قَالَ: فَأَيّ الْمَالِ أَحَبّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْغَنَمُ. فَأُعْطِيَ شَاةً وَالِداً. فَأُنْتِجَ هََذَانِ وَوَلّدَ هََذَا. فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنَ الإِبِلِ. وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْبَقَرِ. وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْغَنَمِ.

قَالَ: ثُمّ إِنّهُ أَتَىَ الأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ. قَدِ انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي. فَلاَ بَلاَغَ لِيَ الْيَوْمَ إِلاّ بِاللّهِ ثُمّ بِكَ. أَسْأَلُكَ، بِالّذِي أَعْطَاكَ [2] اللّوْنَ الْحَسَنَ وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ وَالْمَالَ، بَعِيراً أَتَبَلّغُ بهِ فِي سَفَرِي. فَقَالَ: الْحُقُوقُ كَثِيرَةٌ. فَقَالَ لَهُ: كَأَنّي أَعْرِفُكَ. أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النّاسُ؟ فَقِيراً فَأَعْطَاكَ اللّهُ عزّ

(1) - هذا الباب عقده المؤلف لبيان ما غلب على النفوس من إنكار النعم وجحدها وكفرانها وعدم الإعتراف بها لله عز وجل والواجب على المسلم إذا رزقه الله الخير وأعطاه المال أن يعترف بها للمنعم سبحانه وتعالى

قال الشيخ في الفتاوى (المشروع عند حصول النعمة أو السلامة من ضدها شكر الله، والثناء عليه، وسؤاله سبحانه تمام النعمة والعون على شكرها، كما قال عز وجل في كتابه العظيم: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} وقال سبحانه: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} وفق الله الجميع.(8/ 424 ) )

(2) - قوله (أَسْأَلُكَ, بِالّذِي أَعْطَاكَ) أخذ منه العلماء جواز السؤال بالله عز وجل وإن كان كرهه بعض السلف وجاء نهي عنه ولكن الصحيح جوازه لقوله صلى الله عليه وسلم (من سألكم بالله فأعطوه)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام