الباب الرابع والأربعون - باب قول: ما شاء الله وشئت [1]
عن قتيلة: أَنّ يَهُودِيّا أَتَى النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: إنّكُمْ تُشْرِكُونَ تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللّهُ وَشِئْتَ وَتَقُولُونَ: وَالْكَعْبَةِ فَأَمَرَهُمُ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إذَا أَرَادُوا أَنْ يَحْلِفُوا أَنْ يَقُولُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَيَقُولُونَ مَا شَاءَ اللّهُ ثُمّ شِئْتَ. رواه النسائي وصححه.
وله أيضاً عن ابن عباس، أن رجلاً قال النبي - صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت فقال: «أجعلتني لله نداًَ؟! [2] بل ما شاء اللهُ وحده» .
ولابن ماجه: عن الطفيل أخي عائشة لأمها قال: رأيت كأني أتيت على نفر من اليهود، قلت: إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: عزير بن الله قالوا: وأنتم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد. ثم مررت بنفر من النصارى، فقلت: إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: المسيح ابن الله. قالوا: وإنكم لأنتم
(1) - قوله (باب قول: ما شاء الله وشئت) أي باب حكم ذلك.
وحكمه أنه لا يجوز وأنه نقص في التوحيد وشرك أصغر، فلا يقل (ما شاء الله وشاء فلان) ولكن ليقل (ما شاء الله ثم شاء فلان) أو يقول (ما شاء الله وحده) فالأحوال ثلاثة
أ - (ما شاء الله وحده) وهو أكملها
ب - (ما شاء الله ثم شاء فلان) وهذا جائز
ج - (ما شاء الله وشاء فلان) وهذا لا يجوز وهو من الشرك الأصغر
قال الشيخ في الفتاوى (الشرك الأصغر، وهو ما ثبت بالنصوص تسميته شركاً، لكنه لم يبلغ درجة الشرك الأكبر، فهذا يسمى شركاً أصغر مثل: الرياء والسمعة كمن يقرأ يرائي، أو يصلي يرائي، أو يدعو إلى الله يرائي ونحو ذلك. فقد ثبت في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال:(( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ) )فسئل عنه فقال (( الرياء يقول الله عز وجل يوم القيامة للمرائين اذهبوا إلى من كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم من جزاء ) )؟ رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن محمود بن لبيد الأشهلي الأنصاري ومن ذلك قول العبد: ما شاء الله وشاء فلان، أو لولا الله وفلان، أو هذا من الله ومن فلان وهكذا الحلف بغير الله، كالحلف بالكعبة، والأنبياء والأمانة وحياة فلان، وبشرف فلان ونحو ذلك، فهذا من الشرك الأصغر، وقد يكون أكبر على حسب ما يكون في قلب صاحبه، فإذا كان في قلب الحالف بالنبي أو البدوي أو الشيخ فلان، أنه مثل الله، أو أنه يدعى مع الله، أو أنه يتصرف في الكون مع الله أو نحو ذلك، صار شركاً أكبر بهذه العقيدة، أما إذا كان الحالف بغير الله لم يقصد هذا القصد، وإنما جرى على لسانه من غير هذا القصد لكونه اعتاد ذلك، كان ذلك شركاً أصغر (1/ 44 ) )
وقال (والحلف بغير الله من الشرك الأصغر عند أهل العلم، فالواجب: الحذر منه، وهو وسيلة إلى الشرك الأكبر، وهكذا قول: ما شاء الله وشاء فلان، ولولا الله وفلان، وهذا من الله ومن فلان، والواجب: أن يقال: ما شاء الله ثم شاء فلان، أو لولا الله ثم فلان، أو هذا من الله ثم من فلان. لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:(( لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان ) ) (8/ 28 ) )
(2) - قوله (أجعلتني لله نداًَ) في اللفظ الآخر (أجعلتني لله عدلاً ما شاء الله وحده)