وعن علي بن الحسين - رضي الله عنه -، أنه رأى رجلاً يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيدخل فيها، فيدعو، فنهاه، وقال: ألا أحدثكم حديثاً سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: «لا تتخذوا قَبْرِي عِيداً، ولا بُيُوتَكُمْ قُبُوراً، وَصَلّوا عَلَيّ، فإن تسليمكم يبلغني أين كُنْتُمْ» . رواه في المختارة. [1]
وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ [3] وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِن الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} [النساء: 51] .
وقوله تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ الله مَن لَّعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ القِرَدَةَ وَالخَنَازِيرَ [4] وَعَبَدَ الطَاغُوتَ} [المائدة: 60] .
(1) - التوسل (بمحبتي لنبيك وإيماني بنبيك واتباعي لنبيك) لا بأس بها والتوسل بالجاه من البدع لأنه وسيلة للشرك.
* لا يجوز تحري الدعاء عند قبره صلى الله عليه وسلم بل يسلم عليه وعلى صاحبيه وينصرف والدعاء محله بقية المسجد.
قال الشيخ في الفتاوى (الدعاء عند القبور غير مشروع، سواء كان القبر قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره، وليست محلا للإجابة، وإنما المشروع زيارتها والسلام على الموتى والدعاء لهم وذكر الآخرة والموت(13/ 302)
وقال أيضاً (ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه لعن زائرات القبور من حديث ابن عباس، ومن حديث أبي هريرة، ومن حديث حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنهم جميعا، وأخذ العلماء من ذلك أن الزيارة للنساء محرمة؛ لأن اللعن لا يكون إلا على محرم، بل يدل على أنه من الكبائر؛ لأن العلماء ذكروا أن المعصية التي يكون فيها اللعن أو فيها وعيد تعتبر من الكبائر. فالصواب أن الزيارة من النساء للقبور محرمة لا مكروهة فقط، والسبب في ذلك- والله أعلم- أنهن في الغالب قليلات الصبر، فقد يحصل منهن من النياحة ونحوها ما ينافي الصبر الواجب، وهن فتنة، فزيارتهن للقبور واتباعهن للجنائز قد يفتتن بهن الرجال وقد يفتتن بالرجال، والشريعة الإسلامية الكاملة جاءت بسد الذرائع المفضية إلى الفساد والفتن، وذلك من رحمة الله بعباده. وقول بعض الفقهاء: إنه استثني من ذلك قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه رضي الله عنهما- قول بلا دليل، والصواب أن المنع يعم الجميع، يعم جميع القبور، حتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وحتى قبر صاحبيه رضي الله عنهما. وهذا هو المعتمد من حيث الدليل، وأما الرجال فيستحب لهم زيارة القبور، وزيارة قبر النبي عليه الصلاة والسلام وقبر صاحبيه، لكن بدون شد الرحل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم(زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة) رواه مسلم في صحيحه (13/ 325) (5/ 332 ) )
(2) - (فجر الخميس 4/ 11/1417) (التعليق على المتن)
(فجر الخميس 6/ 5/1414) (التعليق على الشرح - فتح المجيد -)
(3) - قوله (بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) الجبت يطلق على كل شيء لا خير فيه، والطاغوت يطلق على كل شيء يدعو إلى الباطل
قال الشيخ في الفتاوى (والجبت: هو الشيء الذي لا خير فيه، ويطلق على الصنم، وعلى السحر، وعلى كل ما لا خير فيه.(8/ 91 ) ) وقال أيضاً (والطاغوت: كل ما عبد من دون الله من الإنس والجن والملائكة، وغير ذلك من الجمادات، ما لم يكن يكره ذلك ولا يرضى به. والمقصود أن الطاغوت كل ما عبد من دون الله من الجمادات وغيرها، ممن يرضى بذلك، أما من لا يرضى بذلك كالملائكة والأنبياء والصالحين، فالطاغوت هو الشيطان الذي دعا إلى عبادتهم، وزينها للناس(2/ 44 ) )
(4) - قوله (وَجَعَلَ مِنْهُمُ القِرَدَةَ) القردة والخنازير أمة من الأمم ولكن الله عز وجل مسخ جماعة من اليهود قردة وخنازير ثم ماتوا فالمسخ لا يستمر أكثر من ثلاثة أيام كما جاء في الحديث الصحيح