الباب الحادي والثلاثون [1] - باب قول الله تعالى {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة:165] [2]
(ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله [3] والذين آمنوا أشد حباً لله [4]
وقوله {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ} [التوبة:24] .
عن أنس، أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ [5] حَتّى أَكُونَ أَحَبّ [6] إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ» . أخرجاه.
ولهما عنه، قال: قال رسول - صلى الله عليه وسلم - «ثَلاثٌ مَنْ كُنّ فيهِ وَجَدَ بهن حَلاوَةَ الإْيمان: أَنْ يَكونَ اللّهُ ورسولُه أحبَّ إليهِ مِمّا سِواهُما، [7] وأنْ يُحِبّ المَرْءَ لا يُحِبّهُ إلاّ لله، وأنْ يَكرَهَ أنْ يَعودَ في الكُفرِ بعد إذْ أنقَذُه الله منه كما يكرَهُ أنْ يُقذَفَ في النّار [8] »
(1) - (فجر الخميس 16/ 11 /1416) (التعليق على الشرح - فتح المجيد -)
(2) - هذا الباب في بيان إثبات محبة الله عز وجل وأنها من أهم المهمات وأعظم العبادات وأنها أساس الدين
(3) - قوله تعالى (يحبونهم كحب الله) أي يحبونهم محبة العبادة
(4) - فالمؤمنون أشد حباً لله من هؤلاء لأندادهم
(5) - قال الشارح في فتح المجيد (فمن قال: إن المنفي هو الكمال، فإن أراد الكمال الواجب الذي يذم تاركه ويعرض للعقوبة فقد صدق، وإن أراد أن المنفي الكمال المستحب، فهذا لم يقع قط في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. قاله شيخ الإسلام رحمه الله)
قال الشيخ ابن باز معلقاً (لكونه لا ينفى الإيمان إلا ويراد به الواجب أو أصل الإيمان فأصل محبة الله ورسوله لا بد منهما فمن لم يحبهما فهو كافر ولكن تقديم وإيثار محبة غيرهما على محبتهما فهذا انتفى عنه الإيمان الكامل)
(6) - قوله (عن أنس، أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتّى أَكُونَ أَحَبّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ» . أخرجاه.) هذه ليست محبة عبادة بل محبة طاعة وامتثال وإتباع لشريعته التي جاء بها
(7) - قال الشارح في فتح المجيد (فتكميلها أن يكون الله ورسوله أحب إلى العبد مما سواهما، فإن محبة الله ورسوله لا يكتفى فيها بأصل الحب، بل أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما)
قال الشيخ ابن باز (كما في حديث عمر(فوالله لأنت أحب إلي من كل شيء حتى من نفسي) وفيه (الآن يا عمر) يعني الآن اكتملت المحبة.
(8) - قال الشارح في فتح المجيد(قوله: كما يكره أن يقذف في النار أي يستوى عنده الأمران. وفيه رد على الغلاة الذين يتوهمون أن صدور الذنب من العبد نقص في حقه مطلقاً وإن تاب منه.
والصواب: أنه إن لم يتب كان نقصاً وإن تاب فلا، ولهذا كان المهاجرون والأنصار رضي الله عنهم أفضل هذه الأمة مع كونهم في الأصل كفاراً فهداهم الله إلى الإسلام، والإسلام يمحو ما قبله، وكذلك الهجرة. كما صح الحديث بذلك)
قال الشيخ معلقاً على قوله (والصواب) قال: وهذا هو الصواب).