الإسلام، ولا هو متبع لأحد من الأنبياء، ومن بدل شرع الأنبياء وابتدع شرعا فشرعه باطل لا يجوز إتباعه كما قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الله} ، ولهذا كفر اليهود والنصارى لأنهم تمسكوا بشرع مبدل منسوخ، والله أوجب علي جميع الخلق أن يؤمنوا بجميع كتبه ورسله، ومحمد خاتم الرسل، فعلى جميع الخلق إتباعه وإتباع ما شرعه من الدين، وهو ما أتى به من الكتاب والسنة فما جاء به الكتاب والسنة فهو الشرع الذي يجب علي جميع الخلق إتباعه وليس لأحد الخروج عنه وهو الشرع الذي يقاتل عليه المجاهدون وهو الكتاب والسنة) [مجموع الفتاوى: 35\ 364] .
ووجه الدلالة مما سبق عدم جواز عبادة الله تعالى بالحكم المنسوخ.
الدليل الثاني: قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة:208]
ووجه الدلالة من الآية ـ كما ذكر المفسرون ـ أن هذا أمر من الله سبحانه بالتزام شرائع الإسلام جملة؛ وإذا كان ذلك كذلك فكيف يجوز ترك شيء من أحكام الإسلام بحال من الأحوال؟ وما التدرج والمرحلية ـ كما يرون ـ إلا ضرب من ترك العمل بهذه الآية الكريمة.
قال ابن كثير رحمه الله:(يقول الله تعالى آمرا عباده المؤمنين به المصدقين برسوله أن يأخذوا بجميع عرى الإسلام وشرائعه، والعمل بجميع أوامره، وترك جميع زواجره ما استطاعوا من ذلك، قال العوفي عن ابن عباس ومجاهد وطاوس والضحاك وعكرمة وقتادة والسدي وابن زيد في قوله {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ} يعني الإسلام، وقال الضحاك عن ابن عباس وأبو العالية والربيع بن أنس {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ} يعني الطاعة. وقال قتادة أيضا: الموادعة.
وقوله {كافة} قال ابن عباس ومجاهد وأبو العالية وعكرمة والربيع بن أنس والسدي ومقاتل بن حيان وقتادة والضحاك جميعا، وقال مجاهد: أي اعملوا بجميع الأعمال ووجوه البر .. ومن المفسرين من يجعل قوله {كافة} حالا من الداخلين أي ادخلوا في الإسلام كلكم، والصحيح الأول وهو أنهم أمروا كلهم أن يعملوا بجميع شعب الإيمان وشرائع الإسلام وهي كثيرة جدا ما استطاعوا منها) [1]
(1) (ـ لاحظ أن فهم ابن كثير رحمه الله لدلالة الآية بالنظر لباقي نصوص الشرع يختلف عن فهم المستدلين بها على المنع؛ فقد قيد الأمر بالاستطاعة.