بأن يطاع في كل وقت بما أمر به في ذلك الوقت) [مجموع الفتاوى:3/ 19.] .
يقول ابن القيم رحمه الله: (وأما الرضى بدينه: فإذا قال، أو حكم، أو أمر، أو نهى، رضي كل الرضى ولم يبق في قلبه حرج من حكمه. وسلم له تسليما. ولو كان مخالفا لمراد نفسه أو هواه، أو قول مقلد وشيخه وطائفته) [مدارج السالكين: 2/ 118] .
وتطبيق الشريعة الإسلامية هو معنى شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ..
ولذا يقرر الشيخ محمد بن إبراهيم أن تحكيم شرع الله تعالى وحده هو معنى شهادة أن محمدا رسول الله بقوله: (وتحكيم الشرع وحده دون كل ما سواه شقيق عبادة الله وحده دون ما سواه، إذ مضمون الشهادتين أن يكون الله هو المعبود وحده لا شريك له، وأن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو المتبع المحكم ما جاء به فقط، ولا جردت سيوف الجهاد إلا من أجل ذلك والقيام به فعلا وتركا وتحكيما عند النزاع) [رسالة تحكيم القوانين] .
ويقول ابن القيم رحمه الله: (وأما الرضى بنبيه رسولا: فيتضمن كمال الانقياد له، والتسليم المطلق إليه، بحيث يكون أولى به من نفسه، فلا يتلقى الهدى إلا من مواقع كلماته، ولا يحاكم إلا إليه، ولا يحكم عليه غيره، ولا يرضى بحكم غيره ألبته، لا في شيء من أسماء الرب وصفاته وأفعاله، ولا في شيء من أذواق حقائق الإيمان، ومقاماته، ولا في شيء من أحكام ظاهره وباطنه، ولا يرضى في ذلك بحكم غيره، ولا يرضى إلا بحكمه) [مدارج السالكين 2/ 172 173] .
كما أن تحكيم الشريعة من مقتضيات الإيمان؛ إذ الإيمان قول وعمل يتضمن تصديقا وانقيادا .. قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِه} [النساء: من الآية 60]
يقول الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: (إن قوله تعالى: {يزعمون} تكذيب لهم فيما ادعوه من الإيمان، فإنه لا يجتمع التحاكم إلى غير ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الإيمان في قلب عبد أصلا، بل أحدهما ينافي الآخر، والطاغوت مشتق من الطغيان وهو مجاوزة الحد، فكل من حكم بغير ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد حكم بالطاغوت وحاكم إليه) [رسالة تحكيم القوانين:2] .
وعليه فرض الله تعالى الحكم بشريعته، وأوجب ذلك على عباده، وجعله الغاية من تنزيل الكتاب، فقال سبحانه: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ الله} [النساء: من الآية 105]