على بعض المتصوفة قد ظهر ما كان العلماء قد عدوا الكرامات من قبيل الخوارق. أما عن البشرى فقد جاء في القرآن الكريم: أن الله تعالى وعد أصحاب النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - بنزول خمسة آلاف من ملائكة السماء للقتال معهم في غزوة بدر الكبرى. وبين السبب في نزولهم بقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ} [آل عمران: 126] وما من مسلم ينكر فضل أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وعلو درجتهم في الولاية. وما قال أحد بأن خوارق العادات قد ظهرت على أيديهم، بل قالوا بالبشرى واطمئنان القلوب. وقد جاء عن اطمئنان القلوب أيضا قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [فصلت: 30، 31] والمعنى أن المؤمنون بالله والمستقيمين على شريعته - والمرء لا لا يكون وليا لله تعالى إلا بالإيمان والاستقامة - إذا جاهدوا في الله واوذوا في سبيله تنزل الملائكة على قلوبهم بالتثبيت على الإيمان والتسلية كما هو معنى: {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الكهف: 14] أي ثبتنا على الحق قلوب أهل الكهف. وكما هو معنى {لولا أن ربطنا على قلبها} أي ثبتنا قلب أم موسى فلم تخف ولم تحزن ولم تبح لأحد عن ابنها شيئا.
وقد جاء عن الهداية قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69] أي من يفكر في أمر خدمة لله ويبحث عنه، يهديه الله إلى ما يريد.
نزول الملائكة على الأولياء ونزول الشياطين على الفاسقين:
ومجمل الكلام: أن أولياء الله تتنزل عليهم الملائكة نوزلا على القلب لتثبيت الإيمان ولتوحيه الولي نحو العمل الصالح الذي يرضي الله تعالى. وأن أولياء الشيطان تتنزل عليهم الشياطين للوسوسة والاغواء كما قال تعالى: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222)