فهرس الكتاب
الصفحة 219 من 256

أن الأحكاميين اتفقوا على أنهم لم يعرفوا من طبائعها إلا القليل. وإذا كان الأمر كذلك فقد ظهر الخبط والصهوبة في هذا العلم بسبب الجهل.

وأما السيارات: فنقول: هب أن طبائعها ومناسباتها بحسب كل: حد ووجه وصلة ومثلثة ومنزل من منازل القمر وردجة معينة من الدرجات الثلثمائة والستين: تصير غير متناهية وما لا يتناهى كيف يعرف معرفته؟

والثاني: هب أن مواضع الكواكب وامتزاجاتها صارت معلومة إلا أن أحكام طوالع الوقت قد تندفع بحسب الطوالع الاصلية، وبحسب الأحوال الماضية في الفلك. ومن الذي يمكنه الوقوف على جميع الأحوال الماضية في الفلك؟

والثالثة: أنه كما يعتبر في حصول الاثر، حصول العلة الفاعلية فكذلك يعتبر في حصوله حصول العلة القابلية ولهذا السبب اتفق المنجمون على أنه إذا ولد على الطالع: الواحد ابن ملك وابن قصاب أو خباز فنه لا يتساوى أثر ذلك الطالع فيهما. فعلمنا: أن آثار الطوالع تختلف بحسب اختلاف أحوال المادة السفلية لكن المواد السفلية سريعة التغير شديدة التبدل. فكيف يمكن الوقوف على أحوالها؟ فهذا ضبط الوجوه المذكورة في بيان أن الوقوف على أحوال هذا العلم بالتمام والكمال: صعب. إلا أن العقلاء اتفقوا على أن ما لا يدرك كله، لا يترك كله. فهذا العلم وإن كان صعب المرام من هذه الوجوه إلا أن لاستقراء يدل على حصول النفع العظيم فيه. وإذا كان كذلك وجب الاشتغال بتحصيله والاعتناء بشأنه فإن القليل منه كثير بالنسبة إلى أحوال مصالح البشر والله أعلم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام