فهرس الكتاب
الصفحة 189 من 256

وأما قولهم: أن النسخ كلام لا فائدة فيه. فنقول: قد ذكرناه أن الشرائع على قسمين:

عقلية لا تقبل النسخ: وحاصلها يرجع إلى ما ذكرناه في قوله عليه السلام:"التعظيم لأمر الله والشفقة على خلق الله"ولما كان طريان النسخ عليها محالا لا جرم قال: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} [آل عمران: 64] .

وأما القسم الثاني وهو الشرائع الوضعية - وهي الأحوال القبلة للنسخ. فالفائدة في النسخ: أن الإنسان إذا واظب على أمر من الأمور مدة مفيدة، صار ذلك كالمألوف المعتاد فيأتي بتلك الأعمال للألف والعادة لا للإخلاص والعبادة. فيحسن ابدالها بغيرها. إزالة لهذه الحالة التي ذكرناها (1) .

وقوله: أنه شرع النهب والتقل لتقرير هذا المقصود بعيد لأن نقول له أن طبه وعلاجه في الأصول المهمة: إنما يؤثر فيهم، لو كان مقبول القول فوجب عليه تقرير هذا الطريق في الجزئيات الصغيرة ليبغي النفع في الكليات القوية.

وأما قولهم:"الألفاظ الموجبة للتشبيه وردت في القرآن فنقول: قد بينا أن مخاطبة الجمهور بالتنزيه المحض متعذر فوجب المصير إلى طريقة"

(1) الواضح من القرآن الكريم في هذا الشأن: أن شريعة بني إسرائيل كانت ثقيلة وصعبة على الناس والله أراد أن يخفف على الناس بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم بدليل:"ويضع عنهم اصرهم والأغلال التي كانت عليهم".

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام