لذاته والخير لأجل العمل به والمراد منه أن كمال حاله محصور في أمرين:
أحدهما: أن تصير قوله النظرية كاملة بحيث يتجلى فيها صور الأشياء وحقائقها تجليا كاملا تاما مبرا عن الخطأ والزلل.
والثاني: أن تصير قوته العملية كاملة بحيث يحصل لصاحبها ملكة، يقدر بها على الإتيان بالأعمال الصالحة. والمراد من الأعمال الصالحة: الأحوال التي توجب النفرة عن السعادات البدنية وتوجب الرغبة في عالم الآخرة وفي الروحانيات فقد ظهر بهذا: أنه لا سعادة للإنسان إلا بالوصول إلى هاتين الحالتين. وهذه المقدمة أطبق الأنبياء على صحتها واتفق الحكماء الإلهيون على صحتها أيضا. ولا يرى في الدنيا عاقلا كامل العقل، إلا ويساعد عليها.
المقدمة الثانية: إن الناس ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:
أحدهما: الذين يكونون ناقصين في هذه المعارف وفي هذه الأعمال وهم عامة الخلق وجمهرهم.
وثانيهما: الذين يكونون كاملين في هذين المقامين إلا أنهم لا يقدرون على علاج الناقصين وهم الأولياء.
وثانيها: الذين يكونون كاملين في هذين المقامين ويقدرون أيضا على معالجة الناقصين ويمكنهم السعي في نقل الناقصين من حضيض النقصان إلى أوجه الكمال. وهؤلاء هم الأنبياء - عليهم السلام - فهذا تقسيم معلوم مضبوط.
المقدمة: الثالثة: أن درجات النقصان والكمال في القوة النظرية وفي القوة العملية كأنها غير متناهية بحسب الشدة والضعف والقلة والكثرة وذلك أيضا معلوم بالضرورة.