فهرس الكتاب
الصفحة 152 من 256

في تعيين هذا الشهر والمنع من سائر الشهور: يكون عديم الفائدة. وكذلك المقصود من القبلة: أن يكون الإنسان عند اشتغاله بخدمة اللع تعالى، مستقرا ثانيا، حتى يتفرغ قلبه للاشتغال بخدمة الله تعالى، وهذا المقصود لا يتفاوت بأن تكون القبلة هي الكعبة أو غيرها. وكذلك المقصود من اجتماع الخلق الكثير في الموضع الواحد، لأجل أداء الطاعات والعبادات: أن تصير كثرة الأرواح المتوجهة إلى استنزل رحمة الله تعالى، سببا لقوة ذلك التأثير لتكميله وهذا لا يتفاوت بأن تلك الجميلة حاصلة في يوم الجمعة أو في يوم السبت أو في يوم الأحد.

إذا عرفت هذا فنقول: ظهر بهذا البحث: أن الأشياء التي اختلفت الشرائع فيها: أمور لا فائدة فيها البتة، بحسب المطالب الاصلية فلم يبق إلا أن يقال: الغرض من التشديد في إظهارها. أن يصير ذكر ذلك المتقدم مندرسا وأن يصير ذكر هذا الثاني باقيا فيما بين الناس. ولا فائدة في ذلك إلا طلب الرئاسة في الدنيا والتفوق على الخلق ولما شرعوا القتل والنهب والغيذاء والإيلام لتقرير هذه المعاني علمنا: أنه ليس بصواب. وظهر أن المقصود منه ليس إلا طلب الرئاسة في الدنيا فيكون باطلا.

الشبهة الثانية للقوم: قالوا أن حكم العقل في التحسين والتقبيح أما أن يكون معتبرا وأما أن لا يكون وعلى التقديرين فالقول بالنبوة: مشكل. أما القسم الأول: وهو أن يكون التقدير: أن يكون حكم العقل في التحسين والتقبيح مقبولا فنقول: أنه متى كان الأمر كذلك كانت بدائة العقول قاضية بأن الإنسان إذا مان قلبه خاليا عن الالتفات إلى الدنيا وشهواتها وكان خاليا عن الاشتغال بغير الله تعالى وكان غريقا في نور معرفة الله تعالى وفي ذكره: فهذا الإنسان إذا مات وجب أن يكون من السعداء الابرار لمنا نرى أن الأنبياء يقولون: إن من كان حاله على ما ذكرناه ثم أنه

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام