تلك الدعوى وجودا وعدما إلا أنا نقول: إن العقلاء أطبقوا على أن الدوران مع الشيء لا يفيد العلة إفادة قطعية.
واختلفوا في أنه هل يدل على حصول العلية دلالة ظنية أو لا؟ وقد بينا هذا المطلوب بالوجوه الكثيرة فثبت أن التمسك بهذا الطريق غير جائز.
الشبهة الثالثة: دلالة المعجز على الصدق لو حصلت لكانت إما أن تكون مشروطة بعدم المعارضة أو لا تكون مشروطة به. والقسمان باطلان فبطل القول بدلالة المعجز على الصدق.
وإنما قلنا: أنه لا يمكن أن تكون هذه الدلالة مشروطة بعدم المعارضة لوجوه:
الأول: أنه أما أن يكفي في كون المعجز معجزا عدم المعارضة في الحال أو المعتبر عدم المعارضة أبدا أو المعتبر عدم المعارضة في مرتبة متوسطة بين المرتبتين المذكورتين. والأقسام الثلاثة باطلة أما عدم المعارضة في الحال فإنه لا يكفي في كون الفعل معجزا. فكم من إنسان يأتي بعمل فلا يقدر الحاضرون في الحال على معارضته مع أنه لا يكون ذلك العمل معجزا بالاتفاق.
وأما القسم الثاني: وهو أن يكون الشرط في كونه معجزا، عدم المعارضة فهذا الشرط مجهول. فمن الذي يمكنه أن يعلم ان أحدا من الواردين بعده إلى قيام القيامة لا يمكنه الإتيان بهذه المعارضة؟ وإذا صار هذا الشرط مجهولا صار الشروط أيضا مجولا فوجب أن تصير المعجزات باسرها: مجهولة.
وأما القسم الثالث: وهو المرتبة المتوسطة بين المرتبتين المذذكورتين