فهرس الكتاب
الصفحة 97 من 247

، و همْ لا يمكنهُم إظهارُ دينهِم ، كما تُظهرُ اليهودُ و النصارَى دينَهُم ، و لهذا ما زالَ أهلُ العلمِ يقولون: إنَّ الرفضَ مِنْ إحداثِ الزنادقةِ الملاحدةِ ،الذينَ قصَدوا إفسادَ الدِّينِ دينِ الإسلامِ ، وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) [التوبة/32، 33] ، فإنَّ منتهَى أمرِهم تكفيرُ عليٍّ رضي الله عنه و أهلِ بيتهِ بعدَ أن كفَّروا الصحابةَ و الجمهورَ ، و لهذا كانَ صاحبُ دعوَى الباطنيةِ الملاحدةِ رتَّبَ دعوتَهُ مراتبَ ، أولُ ما يدعو المستجيبَ إلى التشيُّعِ ثم إذا طمعَ فيه قالَ له: عليٌّ مثلُ الناسِ، و دعاهُ إلى القدحِ في عليٍّ أيضاً ثم إذا طمعَ فيهِ دعاهُ إلى القدحِ في الرسولِ صلى الله عليه وسلم ، ثم إذا طمعَ فيه دعاهُ إلى إنكارِ الصانعِ ، هكذا ترتيبُ كتابهِم الذي يسمونَهُ البلاغُ الأكبرُ و الناموسُ الأعظمُ، و واضعُهُ الذي أرسلَ به إلى القُرمطيِّ الخارجِ بالبحرينِ لمَّا استولَى على مكةَّ ، و قتلوا الحُجاجَ وأخذوا الحجرَ الأسودَ ، و استحلُّوا المحارمَ وأسقطوا الفرائضَ ، و سيرتُهُم مشهورةٌ عند أهلِ العلمِ، و كيف يقولُ النبيُّ صلى الله عليه و سلم مَنْ ماتَ و هو يبغضُ عليًّا ماتَ يهوديًّا أو نصرانيًّا ، و الخوارجُ كلُّهُم تكفِّرُهُ و تبغضُه ، و هو نفسُه لم يكنْ يجعلُهُم مثلَ اليهودِ و النصارَى، بل يجعلُهم منَ المسلمينَ أهلِ القبلةِ، و يحكمُ فيهِم بغيرِ ما يحكمُ بهِ بينَ اليهودِ و النصارَى ، و كذلك منْ كانَ يسُبُّهُ و يبغضُهُ من بني أميةَ وأتباعهِم، فكيفَ يكونُ منْ يصلِّي الصلواتِ و يصومُ شهرَ رمضانَ و يحجُّ البيتَ و يؤدِّي الزكاةَ مثلَ اليهودِ و النصارَى ؟؟!!

و غايتُه أنْ يكونَ قد خفيَ عليه كونُ هذا إماماً ، أو عصاهُ بعد معرفتِهِ ، و كلُّ أحدٍ يعلمُ أنَّ أهلَ الدِّينِ و الجمهورِ ليسَ لهًم غرضٌ معَ عليٍّ و لا لأحدٍ منهُم غرضٌ في تكذيبِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم ، وأنهُم لو علموا أنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم جعلَهُ إماماً كانوا أسبقَ الناسِ إلى التصديقِ بذلكَ، و غايةُ ما يقدَّرُ أنهُم خفيَ عليهِم هذا الحكمُ ، فكيفَ يكونُ مَنْ خفيَ عليه جزءٌ منَ الدِّينِ مثلَ اليهودِ و النَّصارَى ؟؟!!

و ليس المقصودُ هنا الكلامُ في التكفيرِ ، بلِ التنبيهُ على أنَّ هذهِ الأحاديثَ مما يُعلمُ بالاضطرارِ أنها كذبٌ على النبيِّ صلى الله عليه و سلم ، و أنها مناقضةٌ لدينِ الإسلامِ ، و أنَّها تستلزِمُ تكفيرَ عليٍّ رضي الله عنه ، و تكفيرَ مَن خالفَهُ ، وأنهُ لم يقلْها مَنْ يؤمنُ باللهِ و اليومِ الآخرِ ، فضلاً عنْ أن تكونَ مِن كلامِ رسولِ الله صلى الله عليه و سلم، بل إضافَتُها و العياذُ باللهِ إلى رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن أعظمِ القدحِ و الطعنِ فيهِ، و لا شكَّ أنَّ هذا فعلُ زنديقٍ ملحدٍ لقصدِ إفسادِ دينِ الإسلامِ ، فلعنَ اللهُ منِ افتراها ، و حسبُه ما وعدَهُ به الرسولُ صلى الله عليه وسلم ، حيثُ قال: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار (1)

(1) - عَنِ الْمُغِيرَةِ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ كَذِبًا عَلَىَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ ، مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ » رواه البخاري (1291) ومسلم (3و4) وهو حديث متواتر

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام