قال ابن القيم: النُّشرة: حل السحر عن المسحور، وهي نوعان:
أحدهما: حل بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان، وعليه يحمل قول الحسن، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب، فيبطل عمله عن المسحور.
والثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية والدعوات المباحة، فهذا جائز. [1]
(1) - قال الشارح في فتح المجيد (وقال ابن بطال: في كتاب وهب بن منبه: أنه يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر فيدقه بين حجرين ثم يضربه بالماء ويقرأ فيه آية الكرسي والقواقل ثم يحسو منه ثلاث حسوات ثم يغتسل به يذهب عنه كل ما به وهو جيد للرجال(هكذا ولعله الرجل) إذا حبس عن أهله) أ. هـ قال الشيخ: المراد بالقواقل: قل هو الله أحد والمعوذتين وقل يأأيها الكافرون. وهذا واقع ومجرب فهو نافع ولا نحصي من جربه ونفع الله به، ففعل وهب بن منبه وليث بن أبي سليم من التجارب فلا شيء فيها.
قال الشيخ في الفتاوى (وإن قرأ هذه الرقية والدعاء في ماء ثم شرب منه المسحور واغتسل بباقيه كان هذا من أسباب الشفاء والعافية بإذن الله، وإن جعل في الماء سبع ورقات من السدر الأخضر بعد دقها كان هذا أيضا من أسباب الشفاء، وقد جرب هذا كثيرا ونفع الله به، وقد فعلناه مع كثير من الناس فنفعهم الله بذلك. فهذا دواء مفيد ونافع للمسحورين وهكذا ينفع هذا الدواء لمن حبس عن زوجته. لأن بعض الناس قد يحبس عن زوجته فلا يستطيع جماعها، فإذا استعمل هذه الرقية وهذا الدعاء نفعه بإذن الله، سواء قرأه على نفسه أو قرأه عليه غيره أو قرأه في ماء ثم شرب منه واغتسل بالباقي - كل هذا نافع بإذن الله للمسحور والمحبوس عن زوجته، وهذه من الأسباب، والله سبحانه وتعالى هو الشافي وحده، وهو على كل شيء قدير، بيده جل وعلا الدواء والداء، وكل شيء بقضائه وقدره سبحانه، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(ما أنزل داء إلا وأنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله) وهذا فضل منه سبحانه وتعالى. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل. (6/ 368) (8/ 65) (26/ 164)
وقال أيضاً (ومن علاج السحر بعد وقوعه أيضاً، وهو علاج نافع للرجل إذا حبس من جماع أهله، أن يأخذ سبع ورقات من السدر الأخضر، فيدقها بحجرٍ أو نحوه، ويجعلها في إناءٍ ويصب عليه من الماء ما يكفيه للغسل، ويقرأ فيه:(آية الكرسي) ، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} ، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ، وآيات السحر التي في سورة الأعراف، من قوله سبحانه: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ} إلى قوله تعالى: {رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} ، والآيات في سورة يونس، من قوله سبحانه: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} ، إلى قوله تعالى: {وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} ، والآيات في سورة طه: {قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى} ، إلى قوله تعالى: {وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} .
وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب منه بعض الشيء ويغتسل بالباقي، وبذلك يزول الداء إن شاء الله، وإذا دعت الحاجة لاستعماله أكثر من مرةٍ فلا بأس، حتى يزول الداء بإذن الله تعالى.
ومن علاجه أيضاً إتلاف ما فعله الساحر من عقدٍ أو غيرهما، فيما يعتقد أنه من أعمال الساحر.
أما علاجه بعمل السحرة ونحوهم، مما يتقربون إلى الجن بالذبح أو غيره من القربات، فهذا لا يجوز؛ لأنه من عمل الشيطان، بل من الشرك الأكبر، كما لا يجوز علاجه بسؤال الكهنة والعرافين والمشعوذين، واستعمال ما يقولون؛ لأنهم لا يؤمنون، ولأنهم كذبة فجرة يدعون علم الغيب ويلبسون على الناس، وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من إتيانهم وسؤالهم وتصديقهم، كما سبق بيان ذلك.
والله سبحانه وتعالى المسئول أن يوفق المسلمين للعافية من كل سوء، وأن يحفظ عليهم دينهم، ويرزقهم الفقه فيه، والعافية من كل ما خالف شرعه. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله (26/ 164)