فهرس الكتاب
الصفحة 52 من 106

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ النّجُومِ، فقد اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السّحْرِ زَادَ مَا زَادَ» . رواه أبو داود، وإسناده صحيح. [1]

وللنسائي من حديث أبي هريرة: «مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ، وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ تَعَلّقَ شَيْئاً وُكّلَ إلَيْهِ» . [2]

وعند ابن مسعود، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَلاَ هَلْ أُنَبّئُكُمْ مَا الْعَضْهُ؟ هِيَ النّمِيمَةُ الْقَالَةُ بَيْنَ النّاسِ» رواه مسلم. [3]

ولهما عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنّ من الْبَيَانِ لسِحْراً» . [4]

(1) - قوله (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ النّجُومِ، فقد اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السّحْرِ زَادَ مَا زَادَ» ) يدل على أن تعلم النجوم وزعم أنه يكون كذا إذا طلع النجم الفلاني أو غاب النجم الفلاني فهذا كله من أقوال المنجمين والمشعوذين فالتعلق بالنجوم والدعوى بأن لها تأثيراً بالكون من حوادث من موت فلان أو حياة فلان أو زوال ملك فلان كل هذا باطل لا أصل له.

فالاستدلال بالحوادث الفلكية على الحوادث الأرضية هذا هو التنجيم المنكر وهذا هو الباطل وهو علم التأثير

أما الاستدلال بالنجوم وسيرها على منازل الناس في البلاد وعلى أوقات البرد والحر فهذا ليس فيه شيء وهو علم التسيير وليس علم التأثير.

قال الشيخ في الفتاوى (( وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه ابن عباس رضي الله عنهما(من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد) رواه أبو داود وإسناده صحيح (2/ 120 ) )

(2) - قوله (وللنسائي من حديث أبي هريرة: «مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ، وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ تَعَلّقَ شَيْئاً وُكّلَ إلَيْهِ» .) المصنف هنا ذكره موقوفاً وقد رواه النسائي مرفوعاً والحديث في ضعف لأنه من رواية الحسن عن أبي هريرة والحسن لم يسمع من أبي هريرة فالحديث في انقطاع ولكن له شواهد في المعنى ولهذا ذكره المصنف. وأراد المصنف بهذا بيان نوع من أنواع السحر

(3) - قوله (الْعَضْهُ) قال في القاموس: عَضَهَ: كذب وسحر ونمّ. فيطلق العضه على الكذب والسحر والنميمة ولهذا ذكره المصنف هنا لأن السحر يحصل به بهتان ويحصل به كذب ويحصل به تلبيس ولهذا سمي عضهاً لما يحصل به من الكذب والتلبيس على الناس والغش والضرر.

وتسمى النميمة عضهاً لأنها تضر الناس فسماها بهتاً وسحراً لما فيها من الشر بين الناس كما أن السحر فيه شر وفساد ولهذا قال يحيى بن أبي كثير فيما رواه عنه ابن عبد البر قال: يفسد الكذاب والنمام في ساعة أكثر مما يفسده الساحر في السنة

(4) - قوله (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنّ من الْبَيَانِ لسِحْراً» ) يعني من الفصاحة والبلاغة فصاحب البيان قد يسحر الناس ببيانه وأسلوبه وفصاحته فربما لبس عليهم في الأمور وربما خفيت عليهم الحقائق

وذكر ابن عبد البر أن الحديث لمدح للبيان إذا كان في الحق والهدى وقال جماعة بل هو للذم

ورجح ابن عبد البر الأول أن الحديث للمدح فالبيان لنصرة الحق وبيان الهدى ممدوح

أما البيان في تلبيس الأمور وأخذ الحقوق بغير الحق فهو مذموم والحديث يحتمل هذا وهذا

وحمله الجمهور على المدح إذا كان في حق كما جاءت نصوص الكتاب والسنة مبينة للحق بأفصح بيان وأوضح عبارة أما إذا كان للتلبيس وإخفاء الحق ونشر الباطل فهو مذموم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام