فهرس الكتاب
الصفحة 48 من 106

وقوله: {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} [النساء:51] . قال عمر: الجبت: السحر، [1] والطاغوت: الشيطان. [2] وقال جابر: الطواغيت كهان كان ينزل عليهم الشيطان، في كل حي واحد.

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اجْتَنِبُوا السّبْعَ الْمُوبِقَاتِ» قالوا: يَا رَسُولَ اللّهِ وَمَا هُنّ؟ قَالَ: «الشّرْكُ بِالله. وَالسّحْرُ، [3] وَقَتْلُ النّفْسِ الّتِي حَرّمَ الله إِلاّ بِالْحَقّ، وَأَكْلُ الرّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتّوَلّي يَوْمَ الزّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ» .

(1) - الجبت: قال أهل اللغة هو الذي لا خير فيه فكل شيء لا خير فيه يسمى جبتاً كالسحر والصنم

(2) - الطاغوت: من الطغيان وهو تجاوز الحد وهذا يطلق على الجن والإنس فيقال لهم طواغيت لأنهم تجاوزوا الحد بكفرهم وضلالهم وعدوانهم. قال ابن القيم في حد الطاغوت: هو ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع. فالمعبودون من دون الله والمتبوعون والمطاعون في غير شرع الله عز وجل، فالسحرة طواغيت لإيذائهم وظلمهم وخروجهم عن الصراط المستقيم

قال الشيخ في الفتاوى (والطاغوت: كل ما عبد من دون الله من الإنس والجن والملائكة، وغير ذلك من الجمادات، ما لم يكن يكره ذلك ولا يرضى به. والمقصود أن الطاغوت كل ما عبد من دون الله من الجمادات وغيرها، ممن يرضى بذلك، أما من لا يرضى بذلك كالملائكة والأنبياء والصالحين، فالطاغوت هو الشيطان الذي دعا إلى عبادتهم، وزينها للناس(2/ 44 ) )

(3) - من ثبت سحره وجب قتله لئلا يضر الناس ولا يستتاب ولهذا كتب عمر إلى أمراء الأجناد بقتل كل ساحر وساحرة والحكمة في ذلك أن شرهم لا يزول بالتوبة التي يظهرونها ولأنهم في الغالب لا يُؤمَنون كالزنديق المبطن للنفاق فهو لا يُؤمَن فيقتل. فمن عرف بالسحر الذي يكون بواسطة الشياطين ويدعي علم الغيب ويتعاطى أموراً عظيمة في أذية الناس فلا حيلة ولا طريقة للخلاص منه إلا بقتله.

وقال بعض أهل العلم: إذا كان يتعاطى أموراً تؤذي ولكنها ليس فيها استعانة بالجن والشياطين فإنه لا يكون من السحرة ولكنه يؤدب ولا يقتل إذا عرف أنه ليس من السحرة المعروفين بعبادة الشياطين واستخدامهم وتعاطي ما حرم الله من الشرك

وهذا لا منافاة بينه وبين ما جاء عن الصحابة لأن هذا ليس بسحر ولكنه أذى وظلم، أما السحرة المعروفون فهم الذين يستخدمون الجن والشياطين

قال الشيخ في الفتاوى (وقد اختلف العلماء في حكم الساحر هل يستتاب وتقبل توبته أم يقتل بكل حال ولا يستتاب إذا ثبت عليه السحر؟ والقول الثاني هو الصواب، لأن بقاءه مضر بالمجتمع الإسلامي والغالب عليه عدم الصدق في التوبة، ولأن في بقائه خطرا كبيرا على المسلمين. واحتج أصحاب هذا القول على ما قالوه: بأن عمر رضي الله عنه أمر بقتل السحرة ولم يستتبهم وهو ثاني الخلفاء الراشدين الذين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم باتباع سنتهم، واحتجوا أيضا بما رواه الترمذي رحمه الله عن جندب بن عبد الله البجلي أو عن جندب الخير الأزدي مرفوعا وموقوفا:"حد الساحر ضربه بالسيف"وقد ضبطه بعض الرواة بالتاء فقال:"حد الساحر ضربة بالسيف"والصحيح عند العلماء وقفه على جندب. وصح عن حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها: أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت من غير استتابة. قال الإمام أحمد رحمه الله: ثبت ذلك - يعني قتل الساحر - من غير استتابة عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعني بذلك: عمر وجندبا وحفصة. وبما ذكرنا يعلم أنه لا يجوز إتيان السحرة وسؤالهم عن شيء ولا تصديقهم كما لا يجوز إتيان العرافين والكهنة، وأن الواجب قتل الساحر متى ثبت تعاطيه السحر بإقراره أو بالبينة الشرعية من غير استتابة) (7/ 80) (8/ 65 - 116)

* الصواب قتل الساحر حتى يستريح منه الناس والتوبة بينه وبين الله عز وجل

قال الشيخ في الفتاوى (والصحيح عند أهل العلم: أن الساحر يقتل بغير استتابة. لعظم شره وفساده، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يستتاب، وأنهم كالكفرة الآخرين يستتابون، ولكن الصحيح من أقوال أهل العلم: أنه لا يستتاب. لأن شره عظيم، ولأنه يخفي شره، ويخفي كفره، فقد يدعي أنه تائب وهو يكذب، فيضر الناس ضررا عظيما فلهذا ذهب المحققون من أهل العلم إلى أن من عرف وثبت سحره يقتل ولو زعم أنه تائب ونادم، فلا يصدق في قوله) (8/ 65)

* الذهاب إلى السحرة لا يجوز ولو كان لأجل التداوي وفك السحر ولو كان غير راضي بذلك لأنه ذهابه إليهم إقرار لهم ودعوة لهم إلى أن يشركوا ويتقربوا إلى غير الله جل وعلا بل يكون التداوي بالرقى والطرق الشرعية

قال الشيخ في الفتاوى (هل يجوز تعلم حل أو فك السحر عن المسحور؟

ج 9: إذا كان بالشيء المباح. من الأدعية الشرعية، أو الأدوية المباحة، أو الرقية الشرعية، فلا بأس، أما أن يتعلم السحر؛ ليحل به السحر، أو لمقاصد أخرى فذلك لا يجوز، بل هو من نواقض الإسلام. لأنه لا يمكن تعلمه إلا بالوقوع في الشرك، وذلك بعبادة الشياطين من الذبح لهم، والنذر لهم، ونحو ذلك من أنواع العبادة، والذبح لهم والتقرب إليهم بما يحبون حتى يخدموه بما يحب، وهذا هو الاستمتاع الذي ذكره الله سبحانه بقوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (8/ 118 ) )

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام