فهرس الكتاب
الصفحة 75 من 77

وفتح لها أبوابا معينة وقال مثلا: يكتفى بالتعزير أو اكتفينا بالتوبيخ أو ثبتت لدينا براءته .. إلخ، فحكم بغير ما أنزل الله وهو معتقد في نفسه أن الحكم هو ما أنزل الله وأن الشرع هو ما شرعه الله وأن هذا هو دين الله سبحانه وتعالى وأنه مخالف له، لكن هذا ما حملته عليه الشهوة والهوى وطاعة الشيطان والمعصية. فهذه هي الحالة لا يكون خارجا من الملة.

أما لو أنه التزم شرعا غير شرع الله - حتى ولو كان في محكمة شرعية - فالتزم بأن يحكم على كل من أتاه في حد زنى بما تحكم به شريعة نابليون للمرأة، هل هي دون الثامنة عشرة أو فوقها، وهل هي مغصوبة أو غير مغصوبة، وهل هي متزوجة أو غير متزوجة، فإن كانت متزوجة فالأمر يرجع للزوج إن شاء عفا عنه وإلا يغرّم أو يسجن إن كان هذا شرعه ودينه فهو غير ملتزم أصلا بما أنزل الله ولا يدين به ولا يعتقده فهذا داخل في القسم الأول المخرج من الملة.

بخلاف القسم الذي نتكلم فيه الآن حيث يحكم القاضي بما أنزل الله لكنه خالف حكم الله عز وجل عن عمد وهوى في بعض ما يعرض له، وقد يخالفه جهلا عن حكم الله سبحانه وتعالى، فليس كل من ولي القضاء وقضى بين الناس يكون عالما بجميع ما أنزل الله وعارفا بالأحكام، وإن كان الواجب ألا يعين إلا من كان يستطيع أن يجتهد، أو يستطيع أن يحكم فيما يعرض له بما أنزل الله، لكن قد يولى من كان غير ذلك في الواقع؛ فلا يحكم في بعض المسائل بما أنزل الله خطأ منه أو تأولا.

والتأويل له أبواب؛ منها مثلا أن يتأول بعض القضاة الآية على غير وجهها أو الحديث على غير وجهه أو يخالف حكم الله تعالى فيه فيقول مثلا: نحن لا نعتبر هذا الحديث دالا على

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام