فهرس الكتاب
الصفحة 64 من 77

وهذا الجانب في أكثر أمم العالم، ومن جانب آخر نجد أن أوروبا خاصة عاشت نظاما أبشع وأسوأ من الأنظمة القبلية الأخرى وهو النظام المعروف بالنظام الإقطاعي، وهذا النظام فيه من الظلم والحيف على الإنسان ما لم يشهده أي نظام آخر على ما يبدو في التاريخ، وخاصة عندما كانت أوروبا غارقة في ظلمات القرون الوسطى قبل أن تظهر فيها حركات التحرر أو حركات العتق التي يسمونها"الليبرالية".

هنالك كان القانون والشرع والنظام يضعه المالك الذي يملك الإقطاعية. والإقطاعية قد تكون قرى عدة، وقد تكون ما يعادل في هذا الزمن إقليما أو إمارة أو محافظة أو مقاطعة كلها يملكها رجل واحد هو الرجل الإقطاعي. وهذا الرجل هو الذي يشرع كما يشاء ويفعل ما يشاء بكل مَن داخل الإقطاعية، فالكل يحرثون ويحصدون ويجمعون، والسيد يتحكم في ذلك؛ لأنه يملك الأرض ويملك من عليها ويتحكم في الثروة فيجمعها ويحوزها كلها إليه ويتحكم في نسائهم وفي أموالهم وفي دمائهم ويحكم فيما بينهم فله التصرف المطلق في كل شيء.

ولما عانت أوروبا من هذا النظام بأشد المرارة والألم عممته، وهذا أحد الأخطاء التي يرتكبها المؤرخون دائما في تاريخ التشريع أو التقنين أو تاريخ التطور الاجتماعي أو تاريخ علم الاجتماع أو الحضارة .. إلخ؛ فيظنون أن هذا النظام قد عم العالم كله بهذا الشكل، ثم ينظرون إلى العالم الإسلامي اليوم ويقولون: إنه ما يزال أيضا يعيش في عصر الإقطاع ويتهمونه بأنه دول إقطاعية.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام