يقول رحمه الله: (عن جندب بن عبد الله) فيما نقله في هاذا الباب (عن جندب بن عبد الله -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:(( قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان ) ). (( قال رجل ) )) ولم يبين النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من القائل؛ لأن المقصود التحذير من الفعل، لا بيان من هو الفاعل، ولذلك أبهمه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم يبينه، فالشأن في الفعل، لا في الفاعل. (( قال رجل: والله ) )وهاذا قسم بالله عز وجل، وحَلِف. (( والله لا يغفر الله لفلان ) ). هاذا إقسام على الله؛ لأنه إلزام لله عز وجل، وحكم عليه بفعل من الأفعال، وليس مجرد قسم يحنث به صاحبه، ولا يطاله فيه إثم، ولا مؤاخذة أكثر من الحنث، بل هو قسم يتضمن الحكم على الله عز وجل، ولذلك كان ما كان في هاذا الحديث من العقوبة الشديدة، فدخول هاذا الحديث فيما ذكره المؤلف لا بالصيغة؛ لأن صيغة القسم أن يقول: أقسم على الله، أو حق على الله، أو ما أشبه ذلك مما فيه معنى القسم، ومنه هاذا فإنه في معنى القسم على الله؛ لأنه أقسم بالله -جل وعلا- على فعلٍ من أفعاله، حيث قال: (( والله لا يغفر الله لفلان ) ). فهاذا قسم على فعل من أفعال الله عز وجل.
فيتبين من هاذا أن قوله: الإقسام على الله يشمل: الإقسام بلفظ القسم، أو ما دل عليه مما يتضمن إلزام الله -جل وعلا- فعلاً من الأفعال، والحكم عليه بفعلٍ من الأفعال، فلا يقتصر القسم على صيغةٍ معينة، بل كل ما كان فيه إلزام، وحكم بأمر من الأمور على الله جل وعلا فإنه يدخل في الإقسام على الله عز وجل، ولو لم يذكر فيه لفظ القسم.