الصفحة 911 من 952

ثم قال: (( وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ) ).

العلة: قال: (( ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا؟ ) ).

فينزلهم على حكمه، حكمه هل هو يقيني أو اجتهادي؟ حكمه اجتهادي، قد يصيب حكم الله، وقد لا يصيب حكم الله فيهم. وهاذا من أدلة المحققين من أهل العلم القائلين: بأن الحكم عند الله في المسائل واحد، وأن عذر المجتهدين فيما يصلون إليه من اجتهاد لا ينافي أن يكون الحكم واحدًا، فالمصيب في مسائل الاعتقاد والعمل واحد؛ لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (( فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا؟ ) ). فدل ذلك على أن أمير الجيش إذا اجتهد وأخطأ حكم الله، فإن اجتهاده ليس حكم الله، بل حكم الله هو الذي قضى به جل وعلا، ولذلك نهى أن ينزلهم على حكم الله وحكم رسوله. وهاذه مسألة مشهورة في كتب الأصول، وهي: هل كل مجتهد مصيب، أم أن المصيب واحد؟

الصحيح: أن المصيب واحد في مسائل الأصول، وفي مسائل الفروع، يعني: في مسائل العلم، وفي مسائل العمل، في مسائل الاعتقاد، وفي مسائل الفروع، المصيب واحد، وحكم الله واحد، وكون المصيب واحداً لا يعني أن من اجتهد فأخطأ اجتهاده ملوم، وأنه مذموم، وأنه مستحق الإثم؛ لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (( إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر ) ). أي: أجر اجتهاده.

[المتن]

فيه مسائل:

الأولى: الفرق بين ذمة الله وذمة نبيه، وذمة المسلمين.

[الشرح]

وذلك فيما بيَّنه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من التفريق، حيث قال: (( اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك ) ).

[المتن]

الثانية: الإرشاد إلى أقل الأمرين خطراً.

الثالثة: قوله: (( اغزوا باسم الله، في سبيل الله ) ).

[الشرح]

نعم، هاذا فيه بيان الاستعانة بالله، والإخلاص له جل وعلا: (( باسم الله ) )هاذا الاستعانة، (( في سبيل الله ) )هاذا الإخلاص.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام