وقوله: (( تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته ) )دليل على الاستخفاف باليمين والشهادة، وأنه لا يبالي أيهما أتى به أولاً الشهادة أو اليمين، وذلك لخفتها في لسانه، وتسرعه فيها، بينما الواجب فيها الحفظ والصيانة، والتأني، والتثبت، فلا يبذلها إلا في موضعها، ولا يأتي بها إلا حيث تدعو الحاجة إليها.
قال رحمه الله: (وقال إبراهيم: كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار) .
أي: يضربوننا على الاستخفاف بهما، والتسرع فيهما، والتهاون فيهما، كل هاذا يدخل في قوله: (يضربوننا على الشهادة) وكذلك على الكذب فيهما، كل هاذا مما يشمله قول إبراهيم النخعي رحمه الله: (كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار) .
وبهاذا يكون قد انتهى الباب، ومقصوده بيان خطورة الاستخفاف بالحلف، وأن من استخف بالحلف، وأصبح لا يقيم له وزنًا يدل ذلك على ضعف تعظيمه لله -عز وجل- ونقص توحيده.
[المتن]
فيه مسائل:
الأولى: الوصية بحفظ الأيمان.
[الشرح]
وذلك في قول الله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} .
[المتن]
الثانية: الإخبار بأن الحلف منفقة للسلعة ممحقة للبركة.
[الشرح]
وذلك في حديث أبي هريرة، من قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( الحلف منفقة للسلعة ممحقة للكسب ) ). فقوله رحمه الله: (ممحقة للبركة) لأن الكسب إذا لم يبارك فيه لم ينفع، فإن ما زالت بركته لا نفع فيه، والبركة هي كثرة الخير ونموه، فإذا كان المال مباركًا كان نافعًا لصاحبه، دائم الخير، بخلاف المال الممحوق البركة، فإنه سريع الزوال، قليل النفع.
[المتن]
الثالثة: الوعيد الشديد في من لا يبيع إلا بيمينه ولا يشتري إلا بيمينه.
[الشرح]
في قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) ).
الشاهد في قوله: (( لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيع إلا بيمينه ) )هل هاذا من الكبائر؟