الصفحة 895 من 952

قال رحمه الله: (( وينذرون ولا يوفون ) )أي: إنهم يأتون بالنذر، وهو إلزام النفس بما لم يجب، دون أن يوفوا بهاذا النذر، ولاشك أن هاذا ذم، وسبب للقدح؛ لأن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أثنى على الذين يوفون بالنذر، وقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( من نذر أن يطيع الله فليطعه ) ). فالواجب على صاحب النذر أن يفي بنذره.

ثم قال: (( ويظهر فيهم السِّمَن ) ).

قوله: (( السِّمَن ) )المراد به الاستكثار من أسبابه، أي: من أسباب السمن؛ لأن من الناس من يخلقه الله سمينًا، فليس له فيه كسب، فهاذا لا يدخل في الذم؛ لأنه ليس منه فعل.

أما من تعاطى أسباب السمن، فتوسع في المآكل والمشارب، وأسرف على نفسه في ذلك فإنه يدخل في قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( ويظهر فيهم السِّمَن ) ).

وقيل: إن (( السِّمَن ) )هنا المقصود به العجب والتفاخر، والإقبال على الدنيا، وليس المقصود عظم الأبدان، فإن عظم الأبدان قد لا يكون بسبب من الإنسان؛ لأن من الناس من يكون مقبلاً على الدنيا صاحب أكل، وتوسع في الأكل، لكن لا يظهر عليه سمن، ومنهم العكس من لا يكون كذلك، ويظهر فيه السمن.

(وفيه: عن ابن مسعود -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:(( خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ) ).)

وهاذا الحديث فيه: بيان فضيلة القرون المفضلة الثلاثة، القرون الأولى الثلاثة التي أخبر عنها النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأنهم خير القرون.

وتقدم الكلام على قوله: (( قرني ) )أنهم أصحابه.

(( ثم الذين يلونهم ) )هم الذين جاؤوا من بعدهم، وهم التابعون.

ثم بعد ذلك (( ثم الذين يلونهم ) )وهم تابعو التابعين، هاذا واضح.

ثم قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته ) ).

وهاذا هو الشاهد من الحديث، حيث فيه التحذير من الاستهانة باليمين.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام