الصفحة 894 من 952

وقيل في معنى (( يشهدون ولا يستشهدون ) ): إنهم يتحملون الشهادة دون أن يطلب منهم تحملها، وهاذا قول ثالث، يكفي هاذه الأقوال الثلاثة أبرز ما قيل في معنى (( يشهدون ولا يستشهدون ) )والصحيح أنه ينطبق على هاذه كلها، لكن في المعنى الأول: وهو أنهم يبذلون الشهادة دون أن تطلب منهم يشكل عليه حديث زيد بن خالد الجهني الذي فيه أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (( ألا أخبركم بخير الشهداء؟ قالوا: بلى. قال: الذي يأتي بالشهادة قبل أن يُسألها ) ). كما في صحيح مسلم.

فما الجمع بين الحديثين؟ الجمع بين الحديثين أن المشهود له لا يخلو من إحدى حالين:

الحال الأولى: أن يعلم بشهادتك، يعلم بأنك شهدت الحق الذي له، أو ما يؤيد دعواه، فهنا لا تبذل الشهادة حتى تطلب منك.

الحال الثانية: ألا يعلم أنك قد شهدت له، أنك تشهد على حقه، بمعنى: أنك حضرت المجلس، أو حصل لك ما تقوم به الشهادة، ولكن لا يعلم شهادتك، فهاذه الحال ينطبق عليها الحديث الآخر في خير الشهداء.

وقال آخرون: إن قوله: (( الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسألها ) )هو في حق الشهادة، شهادة الحسبة التي تكون في حقوق الله -عز وجل- لا في الحقوق الخاصة. والصحيح الأول.

ثم قال رحمه الله: (( ويخونون ولا يؤتمنون ) ).

(( ويخونون ) )الخيانة هي عدم الأمانة، وتشمل عدم النصح، وتشمل الغش والتدليس، فهي معنًى عام يدل على سوء الطوية، وعدم النصح للأمة.

(( ولا يؤتمنون ) )أي: ولا يَحْصُل للإنسان أمن منهم، بل هم أهل خيانة، فلا يؤتمنون، ولا يؤدون الأمانة التي أمروا بأدائها.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام