أُشَيمِط: تصغير أشمط، وهو من الشَّمْط، والشمط هو اختلاط الشعر بالشيب، والمقصود: أي صاحب كبرٍ في السن وقع في الزنى، هاذا معنى قوله: أُشَيمِط زان، ولذلك في بعض الروايات: (( كبيرٌ شيخٌ زانٍ ) )؛ لأن داعي الزنى من هاذا ضعيف، بخلاف الشاب فإن داعي الزنى في حقه أقوى من غيره، ولذلك رتب هاذه العقوبة على زنى الشيخ الكبير؛ لكون الداعي إلى المعصية ضعيفاً، فوقوعه في المحرم دليل على فساده، وتأصل الشر فيه.
قال رحمه الله: (( وعائل مستكبر ) ).
(( عائل ) )أي: ذو عيال أو فقير، إما ذو عيال، يعني: صاحب عائلة، أو أنه فقير، ولو لم يكن له عائلة.
(( مستكبر ) )ولم يقل: متكبِّر؛ لأن العائل ليس من أهل الكبر، فقوله: (( مستكبر ) )أي: طالب للكبر، وذلك أن الأصل في الفقير الذي ليس معه ما يسد حاجته وعائلته أن تضعفه المسكنة، ولذلك سُمِّيَ الذي لا يجد حاجته وكفايته مسكينًا؛ لأن الحاجة تسكنه، وتذهب ما في نفسه من العلو والارتفاع، فإذا كان العائل على هاذه الصفة دل ذلك على فساده، وأن الكِبر خصلة مُتَكَلَّفة تنافي ما ينبغي على الإنسان أن يكون عليه في كل حال، فكيف إذا كانت الحاجة قد أعوزته، ويده قد قلَّ فيها ما يحصل به الغنى، فالذل في هاذا أولى وأحرى.
قال رحمه الله: (( ورجل ) )هاذا الشاهد من الحديث (( ورجل جعل الله بضاعته ) ).
(( جعل الله بضاعته ) )يعني: جعل الله -جل وعلا- محل بيعه وشرائه؛ لأنه اشترى الذي هو أدنى بالذي هو خير، أخذ الذي هو أدنى، وهو الكسب، والثمن القريب الذي يحصله في الدنيا بالذي هو خير وهو الآخرة، وما فيها من النعيم، حيث دلس وكذب، فجعل الله بضاعته، أي: إنه باع الله -تعالى الله عن فعله- باع الله من أجل تحصيل ما يظن أنه كسب وربح في الدنيا، هاذا معنى قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( ورجل جعل الله بضاعته ) ). أي يحلف عند البيع والشراء؛ ليؤكد ما معه في بيعه وشرائه وهو كاذب.