الشاهد من هاذا: حفظ اليمين، بألا يجعلها قريبة عند البيع والشراء، بل لا يبذلها إلا في مظانها.
قال: (عن سلمان أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:(( ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) ).)
ثلاثة، وهاذا ليس حصرًا، إنما هو بيان لمن تضمنهم الحديث، وإلا فقد ورد نظير هاذا الوعيد لغير من ذُكِر، ومن هاذا نفهم أن العدد في مثل هاذا السياق لا مفهوم له، يعني: لا يفيد الحصر، حصر الحكم في هؤلاء الثلاثة، ونفيه عن غيرهم، بل قد يزيد في أحاديث أخرى من يستحق ما جاء في هاذا الحديث من الوعيد.
(( ثلاثة لا يكلمهم الله ) )أي: إن الله -جل وعلا- يعذبهم يوم القيامة بنفي تكليمهم، ونفي تكليم الرب -جل وعلا- دليل على سخطه، وأن الفعل الذي رُتِّب عليه نفي التكذيب من المحرمات؛ لأنه وعيد في الآخرة، وهو من كبائر الذنوب.
(( لا يكلمهم الله ) )والكلام المنفي هنا هو كلام الرحمة والبر والإحسان، ولا يعني أن لا يكلمهم الله بالكلية، فإنه ما من أحد إلا وسيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان حتى الكفار، لكنَّ تكليم الله لهم تكليم تقريع وتوبيخ، وبيان نعمته عليهم، وجحودها لهم، فهو كلام تعذيب.
(( ولا يزكيهم ) )أي: لا يحصل الزكاء.
والزكاء: هو الزيادة في الخير، وذلك في الدنيا والآخرة، فلا يحصل لهم زكاءٌ في الدنيا، وإذا انتفى عنهم الزكاء في الدنيا انتفى عنهم الزكاء في الآخرة.
(( ولهم عذاب أليم ) )أي: يستحقون عذاباً أليمًا، أليم: فعيل بمعنى مُفْعِل، أي: مؤلم.
ثم قال في بيان هؤلاء: (( أُشَيمِط زان ) ).