وذهب جماعة من السلف إلى أن ما لا ظل له من الصور ليس داخلاً في التحريم، واستشهدوا لذلك ببعض الأحاديث، كقول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( إلا رَقْمًا في ثوب ) )لما ذَكَر الصور وتحريمها. فهاذا الاستثناء يخرِج ما كان مَرْقُومًا منها على الثياب وما أشبه ذلك مما لا ظل له.
ولكن هاذا الذي دَلَّتْ عليه هاذه الرواية مَقضِيٌّ عليه بما في الصحيح من حديث عائشة أنها سَتَرَتْ سَهوةً لها بقِرامٍ فيه تصاوير، فجاء النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأمر بإزالته، وقال لها ما جاء في هاذا الباب من قول المؤلف -رحمه الله-: (ولهما عن عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْها-، أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:(( أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله ) )) فهاذا الحديث سبب قوله صورة لا ظل لها، فدل ذلك على أن قوله: (( إلا رَقْمًا في ثوب ) )ليس هاذا مقصود النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يعني: ليس مقصوده استثناء ما كان مُصَوَّرًا مما لا ظل له.
بقي: هل كل صورة محرمة؟ أم الصورة التي تحصل بها المضاهاة؟
أما القسم السابق فكله محرَّم؛ لأنه لا يمكن أن يقع هاذا الفعل إلا على وجه المضاهاة. أما الصورة التي لا مضاهاة فيها بخلق الله، وهي ما كان من الصور مأخوذًا من خلق الله لا مضاهِئًا له، يعني: ما كان تصويرًا لخلق الله، لا مضاهاةً لخلقه، لا مماثلة له في الخلق، كالصور التي تكون في المرآة، فالصورة التي في المرآة هل هي مضاهاة لخلق الله أم هي صورة ما خلقه الله؟ هي صورة ما خلقه الله وليست مضاهاة، فلذلك صانع المرآة لا يُعَدُّ مُصَوِّرًا؛ لأن ما معه ليس مضاهاةً لخلق الله، إنما هو إظهار لخلق الله.
ومن هاذا نَلِجُ إلى ما يسمى بالصور الفوتوغرافية، هل الصور الفوتوغرافية مما يدخل في هاذه الأحاديث؟
العلماء المتأخرون لهم فيها قولان: