وهاذا فيه إخراجٌ لِمَا لا روح له من التصاوير؛ لأن ما لا روح له لا يُكلَّف فيه بنفخ الروح.
وأما حديث: (( ألا تدع صورة إلا طمستها ) )فهاذا يشمل كل صورة، كالإطلاق الذي في الحديثين الأولين.
فمن مجموع الأحاديث نستخلِص أن: ما لا روح له لا تحريم في تصويره، ومن هاذا نفهم أن الإطلاق في الأحاديث فيه تقييدٌ، وليس باقيًا على إطلاقه، بل دلت النصوص على إخراج ما لا روح له من التحريم الذي في قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله ) ). والذي قبله في الحديث الإلهي: (( ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي؟ ) ).
بقي أنَّ ما له روح ينقسم إلى قسمين:
الأول: ما له ظِلٌّ، الصور التي لها ظل وهي المجسَّمة، وضابِطُها: هي التي تتميّز فيها أجزاء المُصَوَّر، الصور التي تتميز فيها أجزاءُ المُصَوَّر، فيُمْسِك الإنسان ويَجُسُّ بيده أجزاءَ المصوَّر من: الوجه والأنف والعين وسائر الأعضاء.
القسم الثاني من الصور: ما لا ظل له.
القسم الأول: أجمع أهل العلم على أنه محرَّم، وأنه لا يجوز؛ لأنّ الأحاديث منطبِقة على فاعل هاذه الصّور، فمُصَوِّرُها ذهب يخلق كخلق الله، ومصوّرها ضاهى خلقَ الله، ولا خلاف بين أهل العلم المعتَبَرين في تحريم هاذا النوع من الصور.
والقسم الثاني: وهو ما لا ظل له، اختلف العلماء فيه على قولين:
جمهور الصحابة والتابعين ومَن بعدهم من علماء الأمة على أنه محرم؛ للعموم في الأحاديث، ولدخولها في قوله: (( يُجعل له بكل صورة صورها نفس يُعذّب بها في جهنم ) ). ولم يقل: ما كان مجسَّمًا، بل الأحاديث مطلقة، فما لا ظل له من الصور داخلٌ في عموم هاذه الأحاديث، وهاذا قول الجمهور من أهل العلم.