الصفحة 883 من 952

المراد أن الحديث يدل على تحريم التصوير؛ لأنه سبب لمنع دخول الملائكة، ولا شك أن امتناع دخول الملائكة لا يكون إلا لمحرَّمٍ، هاذا ثالث ما عُلِّل به تحريم التصوير.

يبقى مسألة: ما هو التصوير المحرم؟

ظاهرُ كثيرٍ من هاذه الأحاديث الإطلاقُ في تحريم التصوير، ويشمل هاذا تصويرَ كل شيء من خلق الله -عز وجل-، سواءٌ كان مما له روح أو مما لا روح له، وسواءٌ كان مما له ظل أو مما لا ظل له، وسواءٌ كان مما يُمْتَهن أو مما لا يُمتَهن؛ لأن الأحاديث مطلقة.

فالحديث الأول، حديث أبي هريرة: (( قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي؟ ) ). فالعلة هي: المضاهاة. (( ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي؟ فليخلقوا ذرةً ) )هاذا الحديث يدل على أي شيء؟

يدل على أن التصوير محرمٌ مطلقًا؛ لأن العلة في التحريم هي ماذا يا إخواني؟ هي المضاهاة، والمضاهاة واقعة في تصوير ما له روح وما لا روح له، ولذلك قال: (( فليخلقوا ذرةً، أوليخلقوا حبةً، أو ليخلقوا شعيرةً ) ). فدلَّ هاذا على أي شيء؟ على عموم التحريم في التصوير لما له روح، ولما لا روح له.

كذلك قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله ) ).

كذلك حديث ابن عباس: (( كل مصور في النار ) )وهاذا يشمل كل صورة، إلا أن هاذا الحديث فيه ما يُشير إلى أن الوعيد المذكور في حق من صور صورةً لها نفس، ولذلك قال: (( يُجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم ) )فهاذا فيه تقييد لما جاء إطلاقه في الأحاديث السابقة، وهو أن التحذير والوعيد الوارد هو في حق من صوَّر صورة لها نفس؛ لقوله: (( يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم ) ).

وينضم إلى هاذا أيضًا قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( من صور صورة في الدنيا كُلِّفَ أن يَنفخ فيها الروح، وليس بنافخ ) ).

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام