الصفحة 880 من 952

وفيه: أن أهل النار يُكلَّفون، وأنهم يكلَّفون ما لا يطيقون جزاءَ جرمهم وما كان منهم من مخالفة في الدنيا.

قال رحمه الله: (ولمسلم عن أبي الهياج قال: قال لي علي) . أي: ابن أبي طالب -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟) . وهاذا فيه عَرْضُ عليٍّ على أبي الهياج أن يُرْسله على شيء أرسله به النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولا شك أن هاذا فيه الإغراء بالقبول؛ ليوافق مقصِد النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فبَيَّن له: (( ألا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبرًا مُشْرِفًا إلا سويته ) ).

(( ألا تدع صورة ) )وهاذا يشمل الصورة التي لها ظل والصورة التي ليس لها ظل؛ لأن قوله: (( لا تدع صورة ) (( صورة ) ): نكرة في سياق النهي، أو النفي؟ النهي. (( ألا تدع صورة إلا طمستها ) )يعني: إلا أزلت معالمها، والطمس هو: إزالة ما تصير به الصورة صورةً، والصورةُ الرأس كما قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حديث أبي هريرة عند النسائي: (( إنما الصورة الرأس ) ). ولذلك أمر بالتمثال أن يُقطع رأسُه فيكون كالشجرة، فجعل ذلك سبيلاً لإزالة الصورة، وأما إذا كانت غير مجسمة، إذا كانت مما لا ظل له من الصور، فإن طمسها بتمزيقها وإزالة الصورة عنها.

قال رحمه الله: (( ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته ) ).

(( ولا قبرًا مشرفًا ) )أي: ولا قبرًا مرتفعًا متميزًا، والتميز يكون إما بأن يكون مرتفعًا عن سائر القبور، وهاذا إشراف حسي أو معنوي؟ إشراف حسي؛ لأنه ارتفاعٌ ظاهر، ويشمل كذلك ما مُيِّزَ من القبور ولو بغير رفع، كأن يميز بالتَّجْصِيص مثلاً؛ بأن يوضع عليه الجِصُّ، أو بأن يوضع عليه حجارةٌ خاصة تميزُه عن غيره، لا لقصد الإعلام إنما لقصد التمييز، فإن هاذا مما يدخل في قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته ) ).

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام