قال رحمه الله: (وليتُبْ إلى الله، وليستغفر من ظنه بربه ظنّ السوء) . وهاذا يدل على أن الإنسان قد لا يتمكن من الانفكاك عن الظن السيئ في بعض الأحيان، لا سيما في الوصف الذي ذكرناه، فعلاجُه أن ينزع عنه، وأن يتوب إلى الله منه، وأن يرجع إلى ما أخبر الله به عن نفسه من جميل الصفات وبديع الأوصاف وجميل الصنائع والأفعال، فإن ذلك مما يدفع عنه هاذا الظن السيئ.
قال رحمه الله: (ولو فتشتَ مَن فتشت لرأيتَ عنده تَعنُّتًا على القدر وملامةً له) .
وهاذا أبسط ما يكون فيما يجريه الله من إعطاء الكافرين، أو فيما يفتحه الله على أهل الفسق والفجور، تجد أن النفس قد تُورد استفهاماتٍ واستنكاراتٍ لمثل هاذا، لكنّ جواب ذلك أن يعلم أن الله حكيم خبير.
قال رحمه الله: (وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا) . وهاذا اقتراح على الله، وتقدُّم بين يديه، فالتقدمُ يكون في الأمر الشرعي ويكون في الأمر القدري، وقد نهانا الله عن التقدُّم بين يدي الله ورسوله في أمر الشرع كما أنه منهي عنه في أمر القدر.
قال رحمه الله: (فمستَقِلٌّ ومستكثِر) .
الناس في هاذا: (فمستَقِلٌّ) ، أي: عنده قليل من هاذا الظن السّيئ، (ومستكثِر) أي: يكثر من ظن السوء بربه.
يقول: (وفَتِّشْ نفسك هل أنت سالم؟) . يعني لما قال: (ولو فتشت من فتشت) يعني: لا يَشْغَلْك هاذا عن أن تنظر إلى قلبك؛ لأن الناس قد يشتغِلُون بما عند غيرهم، ويرى القَذَى في عين أخيه، وينسى الجذع في عينه، ويغفل عمَّا في نفسه من الآفات اشتغالاً بإصلاح غيره، فنَبَّه إلى وجوب النظر إلى النفس (هل أنت سالم؟) هاذا سؤال نحتاج أن نجيب عنه، يحتاج أن يجيب كل واحد منا نفسه عليه، هل نحن سالمون من ظن السوء برب العالمين؟
(فإن تَنْجُ منها) أي: من هاذه الخَلَّة، وهاذه البلية، وهاذه المصيبة، وهي ظن السوء برب العالمين.
(فإن تنجُ منها تنجُ من ذي عظيمة) يعني: تنجُ من آفة عظيمة كبيرة.